الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الأردن.. 100 عام من الحكمة

رُب ضارة نافعة، رافقت الأحداث التي شهدها الأردن في الأيام الماضية ضجة كبيرة، إلا أنها كانت في الوقت ذاته أشبه بالاستفتاء الإقليمي والدولي على أهمية المملكة كركيزة أساسية من ركائز استقرار المنطقة، وصوت مؤثر من أصوات الحكمة والعقل.

المُتابع للتاريخ السياسي في الأردن طوال الـ100 عام الماضية، يعرف تماماً الأسباب التي تقف خلف كل هذا التأييد والدعم العالمي والإقليمي للأردن، فعبر عقود من الزمن كانت سياسة المملكة قائمة على ركائز أساسية، أبرزها الانفتاح على الجميع والاعتدال والحوار والإيمان بأن التقارب هو سبيل التنمية والاستقرار، وهذه الركائز هي التي مكنت الأردن من العيش ضمن حزام ناري من دون الاحتراق به، وهي ذات الركائز التي عززت دوره، وجعلت العالم ينظر إليه كشريك حقيقي لاستقرار الإقليم.

الدولة الأردنية، وهي تدخل مئويتها الثانية، مرت بالعديد من الأحداث والمتغيرات، إلا أن الثابت الرئيسي في العقود الـعشرة الماضية هو الحكمة، حيث كانت الدولة ولا تزال تتعامل مع مختلف الأحداث التي تجري في الداخل أو في المنطقة والعالم بكل عقلانية، بعيداً عن تشنّج المواقف والانفعالات والتنقل بين المحاور لتحقيق مكاسب آنية، بل بقيت ثابتة على سياستها المعتدلة وخطها الوسطي المعتدل.

النظام السياسي في الأردن ورغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة التي مرَّ بها، مارس الاعتدال والوسطية في سياسته الداخلية كذلك، لذلك فهو يستند إلى علاقة متينة مع الشعب، فلطالما مثَّل النظام ركيزة من ركائز الاستقرار، ولطالما رأى فيه الأردنيون صمام الأمان الذي مكنهم من تجاوز أحداث عاصفة مرت في التاريخ الأردني منذ نشوء الدولة وحتى اليوم.

لقد تمثلت حكمة الدولة الأردنية منذ تأسيسها في إدراكها أهمية الوعي المجتمعي، لذلك كان الأردن من أوائل دول المنطقة التي جعلت من التعليم هدفاً رئيسياً لها منذ عشرينيات القرن الـماضي، ولعل هذا الرهان على الوعي والتعليم هو أحد العناصر الرئيسية التي جعلت من الأردن دولة قادرة على التعامل مع التحديات، ومواجهة مخاطر زعزعة الاستقرار وتطرف المجتمع.

باختصار، فإن الدولة الأردنية نجحت خلال 100 عام الماضية في ترسيخ وجودها كقوة سلام واعتدال في المنطقة، عبر رهانها على 3 عوامل رئيسية، هي: الحكمة في التعامل الداخلي والخارجي، والتعليم وبناء الوعي، إلى جانب العلاقة التشاركية بين النظام والشعب، بعيداً عن أي تاريخ دموي أو عنيف.