السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«حرية التعبير» في مجتمع «مجروح»

أحيينا ككل دول العالم «اليوم العالمي لحرية التعبير» المصادف 3 مايو، وأقيمت النشاطات والمحاضرات والتكريمات، رغم أن مراتبنا في «حرية التعبير» ليست متقدمة، لذلك عادة ما يتحول هذا اليوم إلى «برلمان» يتم فيه «جلد» السلطات وتنبيهها بالتزاماتها تجاه حرية التعبير طبقاً للدساتير والقوانين الوطنية والمواثيق والإعلانات العالمية.

وتعيش «حرية التعبير» منذ الأزل حرباً مفتوحة مع عدة جهات وليس السلطات الحاكمة فقط، فـالمتخوفون من الحرية كثيرون مثل الحكومات ورجال المال والأعمال والفاسدين، يتخوفون من فضحهم أمام الرأي العام، وما يترتب على ذلك من عواقب، وأعداء الحرية كثيرون أيضاً مثل الجماعات الإرهابية والجماعات المتطرفة.

وهكذا تحول الصحفي والكاتب والمحلل إلى مستهدف بمختلف الأساليب، مثل: التهديد، المنع من الكتابة، إجباره على التوقيع في مراكز الشرطة كل أسبوع، السجن، الغرامات، ويصل الأمر إلى درجة التصفية الجسدية، كذلك تتعرض المؤسسات الإعلامية إلى إجراءات تحد من حرياتها، مثل: الضرائب، صعوبات في النشر، المنع من الإعلانات وغيرها.

وفي النهاية يجد الإعلاميون ووسائل الإعلام حالهما أمام «حريات مسيجة» مثلهم مثل المجتمع ككل، لأن حرية التعبير جزء من حرية المجتمع. ثم حدث شرخ بين من يتمتعون بالحرية والمحرومين منها، وليس معقولاً أن ندافع عن حريتنا، ونهمل حرية الآخرين.

هذا الوضع ليس حصراً على وطننا العربي، بل هناك مؤشرات على «تسييج الحرية» في كل الدول، بما فيها الدول المعروفة باسم دول الرخاء، فخلال عام 2021 وضعت روسيا شروطاً قاسية على نشر الأخبار، ورفضت وسائل الإعلام الأمريكية نشر «تغريدات ترامب» أي حرمته من حقه في التعبير، وبعض الشخصيات الثقافية والإعلامية في أوروبا راحت تعيش خارج أوروبا بسبب ما تتعرض له من تضييق، وتفرض لوبيات أوروبية «قهراً» على الإعلاميين تجاه مواضيع معينة.

وتعيش معظم البلدان العربية، صراعات سياسية وحروباً أهلية، ونزاعات إقليمية، ووضعاً اقتصادياً هشاً، واجتماعياً صعباً، هذا الوضع لا يهدد حرية التعبير فقط، بل يهدد حياة المؤسسة الإعلامية ككل، فأغلقت عدة مؤسسات وتعرض الصحفي للبطالة والتجويع.

ونظريّاً، لا توجد حرية مطلقة، لكن حدودها قليلة، مثل حرمة الأديان، المصلحة العامة للوطن، والحياة الخاصة للناس، ورغم ذلك يفضل الكثيرون الخوض فيها.

ويمكن أن يتجاوز الإعلاميُّون «السياج المفروض» عليهم بالمهنية التي تعتبر الغائب الأكبر في عصرنا، بتقديم «المعرفة والمتعة» للجمهور، وألا يكون «الإعلان» على حساب «الإعلام» وأن يبقى الصحفي «صحفياً» ولا يصبح «دعائياً».