السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

فرنسا.. اليمين المتطرف والجيش

هي سابقة من نوعها أن تحتل المؤسسة العسكرية الفرنسية دوراً مركزياً في الجدال السياسي، وقد بدأت القصة عندما نشرت مجموعة من الجنرالات الفرنسيين مقالاً عريضاً في أسبوعية فالور اكتويل، التي أصبحت الناطقة الرسمية ـ تقريباً ـ باسم أيديولوجية اليمين المتطرف، انتقدوا فيها بعنف الوضع السياسي والاجتماعي في فرنسا وتحدثوا عن خطر تفككها.

للوهلة الأولى، وأمام هذا الحادث غير المسبوق لم يصدر أي تعليق عن الحكومة، وكأنها كانت تعيش صدمة وذهولاً، لكن تحت ضغط سياسي وإعلامي من شخصيات يسارية أرغم الرئيس ايمانويل ماكرون على الرد على هذه المبادرة، وكلف لتلك الغاية وزيرة دفاعه فلورانس بارلي التي قصفت بحدة عرابي هذه المبادرة، وتوعدت باتخاذ قرارات عقابية ضدهم.

كما خرج رئيس المؤسسة العسكرية الفرنسية فرانسوا لوكوانتر عن صمته، وعهد بتطبيق عقاب صارم اتجاه بعض العسكريين الموقعين على هذه العريضة وهم ما زالت تربطهم علاقات مع الجيش.

يذكر أن الرئيس إيمانويل ماكرون كان بدأ ولايته بتشنج كلي مع المؤسسة العسكرية عندما قرر بطريقة استعراضية إبعاد أحد رموزها القيادية من منصبه، وهو الجنرال بيير دوفيليي، الذي أصدر بعد ذلك كتابين بعنوان «هوية قائد» و«إصلاح فرنسا».

وفهم وقتها أن الجنرال دوفيليي يستعدُّ للانخراط في العمل السياسي، وربما المشاركة في السباق الرئاسي المقبل، يشار إلى أن آخر مشاركة للشيخ الفرنسي في السياسة كانت عبر شخصية الجنرال شارل ديغول.

لكن ما ألهب تداعيات العريضة السياسية التي وقعها جنرالات، هو دعم مارين لوبين مرشحة اليمين المتطرف العلني لهذه الخطوة وإشعالها النقاش العام حول هذه الإشكالية.

كما ظهرت زعيمة اليمين المتطرف في صورة من يريد أن يحدث قطيعة في تاريخ هذه المؤسسة العسكرية عبر تسييسها، وإقحامها في اللعبة الحزبية الفرنسية.

منتقدو مارين لوبين ربطوا هذه المقاربة بتشجيع ثقافة ومنطق الانقلابات العسكرية، في بلد لم يلعب فيه الجيش دوراً سياسيّاً منذ عهد الجنرال ديغول، الذي عاش الحرب العالمية الثانية والحرب الجزائرية.

ومع اقتراب موعد الحملة الانتخابية الرئاسية بإمكان معارضي مارين لوبين أن يستعملوا هذه الورقة ضدها لإضعاف مصداقيتها لدى الفرنسيين واتهامها بأنها تشجع أجواء الانقلاب، وتسييس المؤسسة العسكرية.. هذه التطورات ستسهم حتما في إبقاء هالة الشيطنة حول حزب مارين لوبين، ما سيمنعها من كسر السقف الزجاجي الذي يحول بينها وبين قصر الإليزيه.