الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«عائشة».. بين السيادة والوزراء

يمكن اعتبار إشكالية الحرية السياسية هي في التوفيق بين قيمة الحرية والقيود التي يبدو أنها تشكل جانباً أساسيّاً في أي مجتمع سياسي، فثمَّة مقاربة بديهية تعين تلك المهمة في طرح حل وسط، إذ تتوجب التضحية بقدر من الحرية، ولكن يجب أن يكون قدراً محدوداً، الإشكالية إذن تكمن في موضع رسم الحد الفاصل، فثمة رؤية تركن إلى حقوق الإنسان الأساسية.

وفي هذا الإطار وفي السياق السوداني، لا بد أن تلتفت الأنظار إلى فكرتين كبيرتين تترددان فى الثقافة المعاصرة، وأن نتأمل فيهما بعناية شديد، تتعلق الفكرة الأولى بما يسمى المجتمع المفتوح، حيث حرية الفرد وحرية الفكر والنمو الشخصي، وحق الإنسان فى نقد المؤسسات السياسية والتبادل الحر للأفكار، التي تسهم فى تنمية المجتمع المفتوح بهذا المعنى.

وعلى الأخص أنها تحث على التسامح وعلى محاربة التوجهات المتطرفة، والتي طالما وجهت ضد العديد من الشعوب، دون إدراك لمبدأ «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً» (كما هو في الآية 48 من سورة المائدة)، والملاحظ في هذا السياق من خلال الأزمات السودانية التي أفرزت حروبا منذ استقلال البلاد في عام 1956، تسيطر عليها ضلالات وأوهام، ولا تستطيع النخب التحرر منها رغم الحقائق الدامغة في التعاطي بين مجلسي السيادة والوزراء.


فقد دمرت هذه الضلالات بشراً أبرياء بلا استثناء، وهذا ما أدركته السيدة عائشة موسى عضو مجلس السيادة المستقيلة من منصبها، وشكّلت لديها رسائل تعبر عن انطباعاتها المباشرة عن الأحداث وتعليقاتها الفورية عليها، وهذه أكبر شهادة وأكثرها دلالة على الأحداث، كما أنها طريقة ناجحة لتجنب ذلك النوع من الإدراك المؤجل لطبيعة الأحداث ومغزى هامّاً في الإدراك المؤجل، والذي هو بالضرورة إدراك معدل.


ربما لم تجد السيدة عائشة رؤية وصورة ذهنية للأهداف المرجوة التي لا يمكن تحقيقها في الوقت الحاضر وضمن الظروف المتاحة، والفرص المستقبلية لا يمكن استثمارها بدون المخططين سواء كانوا من قادة مجلس السيادة أو مجلس الوزراء وعماله أو مستشارين من خارجه، بمحاولة تعريف هذه الصورة بوضوح.

في هذا السياق، لا يمكننا توقع الأشياء الجيدة إلا عندما تتعزز هويتنا ويزداد وعينا بها، والسودانيون الواعون فقط هم القادرون على الأخذ والعطاء والحوار دون التخلي عن قيمهم وراء ظهورهم.

تتفق الأحداث هنا تماماً مع قضيتها ونهجها، لأنها ليست تاريخاً مكتوباً وأن نهجها غير صحيح.. إنها الحقيقة كما رأتها السيدة عائشة عضو مجلس السيادة المستقيلة في فترة صعبة للغاية من تاريخ السودان، فمن يتبع نهجها من بين أعضاء المجلسين؟