السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

وعود ليبيّة.. وعَقبات تونسيَّة

لم تنجح عبارات الشكر المتبادل بين هشام المشيشي رئيس الحكومة التونسية، وعبد الحميد الدبيبة نظيره الليبي في إخفاء حقائق سياسيّة واقتصادية تونسية عميقة تحول دون تحقيق ما اتفق عليه في ليبيا، ولم يفلحْ التهليل الكثير الذي راج لنتائج الزيارة في تبديد وقائع ميدانية تونسية وإقليمية ودولية تجعل الاستدارة التونسية صوب ليبيا متأخرة جداً وذات مآلات ضئيلة.

جاءت زيارة هشام المشيشي إلى طرابلس في سياق موسوم بالاضطرار التونسي إلى طرق أبواب كل المانحين الدوليين، وكان جليّاً أن استجابة صندوق النقد الدولي لن تكون بالسرعة التي تتطلبها الأزمة التونسية.

و تزامن الوقوف أمام باب صندوق النقد الدولي مع محاولات أخرى في قطر وفي فرنسا، لكن الهوة الاقتصادية التونسية كانت أوسع من أن ترممها مساعدات من هنا أو هبات من هناك.


زار المشيشي ليبيا مصحوباً بعدد كبير من الوزراء، وبالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس منظمة الأعراف، فضلاً عن عدد كبير من رجال الأعمال، وأسفرت الزيارة عن استعداد ليبي لمساعدة تونس، وعن توقيع اتفاقيات تجارية واستئناف الرحلات الجوية بين القُطريْن.


لكن ما صمتت عنه الأقلام المهللة للزيارة: أن الطرف الليبي أثار قضية الأموال الليبية المجمدة في تونس التي هُربت أثناء أحداث 17 فبراير 2011 في ليبيا، وجلها يعود لأنصار النظام السابق، وهي قضية لا شك أنها ستزيد من المصاعب التونسية في ظل أزمة استنزفت موارد البلاد ومقدراتها.

وفي عمق زيارة المشيشي إلى ليبيا عقبات متداخلة بعضها يتصل بحال الاقتصاد التونسي، وبعضها عائد إلى خصوصيات الوضع الليبي وما اعتراه طيلة سنوات من هيمنة تركية.

عندما تأخرت تونس، سياسياً ودبلوماسياً، عن التدخل لحل الأزمة في ليبيا كان ذلك يعني أيضا فسح المجال لقوى إقليمية أخرى لكي تسهم في هندسة المشهد الليبي، وتهيمن على شرايين الاقتصاد في ليبيا، وتستأثر بنصيب الأسد في المبادلات التجارية مع ليبيا.

هذه الحقائق السياسية تتضافر اليوم وتضعُ عوائق كثيرة أمام الشركات التونسية، التي لن يكون بوسعها منافسة الدول التي سبقتها إلى الميادين الليبية، ولعل سيطرة البضائع التركية على الأسواق الليبية دليل على ذلك.

لا تَعدُ زيارة المشيشي إلى ليبيا بأكثر من التصريحات، التي قدمت في اللقاء الصحفي المشترك، لا لاحتمال عدم إيفاء الطرف الليبي بتعهداته، وإنما لأن من صنع الأزمة في تونس لا يزال في السلطة يمارس التخريب.