الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حسابات فرنسا الانتخابية

دخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مرحلة حسَّاسَة من ولايته، مع اقتراب موعد الانتخابات الجهورية، التي يقول معظم استطلاعات الرأي: أن حزبه لن يحقق اختراقات تجعله في طليعة المشهد السياسي الفرنسي.

ويبدو أن ماكرون يقوم بتفتيت الجبهات عبر محاولة منع كل من اليمين التقليدي أو اليمين المتطرف، أو حتى اليسار من تحقيق اكتساح سياسي خلال هذه الاستحقاق، يجعل منه ومن الشخصيات التي تمثله قوة تنافسه على الصعيد الوطني، ومن ثم قراره بدعم المرشحين اليمينيين واليساريين الذين أظهروا قدرات خاصة بمنع مرشحي حزب اليمين المتطرف من الفوز بمناصب سياسية.

ويعاني حزب الرئيس ماكرون من نقصان سياسي بنيوي، إذْ فشل خلال هذه الولاية من إيجاد وترسيخ عمق سياسي واجتماعي لحزب الجمهورية، الذي أصبح قوة وطنية بحكم عدد نوابه في البرلمان الفرنسي، لكن بدون جذور اجتماعية في العمق الفرنسي.


هذا الفشل يعزوه البعض إلى السرعة التي تمت بها ولادة حزب «الجمهورية إلى الأمام»، والذي تحول في وقت قياسي إلى مطية أوصلت إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه، دون أن تؤمن له قاعدة شعبية مترسخة في المجتمع الفرنسي مكن أو نعول عليها في الاستحقاقات الجهوية.


وانطلاقاً من هذا الوضع يحاول ماكرون أن يدير على طريقته هذا التحدي، عبر محاولة إضعاف القوة المنافسة له وزرع البلبلة في صفوفها لكي لا يصعد نجم أحد يمكن أن يقوم بتحديه وطنياً.

إيمانويل ماكرون يعي تماماً أن اليمين التقليدي ومختلف قياداته تلعب مصيرها في هذه الانتخابات المحلية، فبعضها نزل إلى حلبة المعركة متأملًا أن يمنحه الفرنسيون جواز المرور إلى الانتخابات الرئاسية.

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قرر في غضون ذلك القيام بجولة وطنية تصادف إجراءات رفع الحظر الصحي التدريجي على الفرنسيين.. جولة لا تخلو من إبعاد انتخابية خصوصاً مع اقتراب موعد الدخول في حملة الرئاسيات الفرنسية.

والهدف المعلن لهذه الجولة هو الوقوف عند الواقع الفرنسي في بعده المحلي، لكن الهدف الخفي هو إعادة ربط علاقات إيمانويل ماكرون مع العمق الفرنسي لمعرفة مدى إمكانية استعادة خيوط الحوار السياسي في أفق إطلاق ترشحه لولاية ثانية.

إيمانويل ماكرون يعي تماماً أن عامل المفاجأة، وتجديد العرض السياسي الذي جاء به عام 2016، الذي سمح له باستقطاب الفرنسيين ونيل ثقتهم، قد تبخر الآن مع ولايته التي عاش فيها امتحانات عسيرة.