الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الصين وأمريكا.. صراع السيطرة والأفكار

ما بين بكين وواشنطن، يقف العالم مراقباً لإرهاصات تشكل نظام عالمي جديد، تغذيها رغبة صينية في الخروج من مرحلة السيطرة الناعمة التي انتهجتها لعقود طويلة إلى مرحلة الزعامة وإعادة خريطة النفوذ الدولي.

الصراع الدائر حالياً بين أقوى اقتصادين في العالم، وإن كان في الظاهر صراعاً تجاريّاً على حجز مقعد القيادة، إلا أنه يخفي في طياته صراعاً فكرياً قائماً على وجهتي نظر متضادتين، إذ ترى بكين أن التنمية تتطلب سلطة مطلقة وقدرة على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، فيما ترى واشنطن أن الانفتاح والديمقراطية هما أساس وجوهر التطور.

وجهة النظر الأمريكية رغم أنها وردية المظهر، إلا أنها لا تزيد على كونها وسيلة استخدمتها واشنطن لعقود طويلة لتنفيذ أجندتها الدولية، لإخضاع العالم لسيطرتها ونفوذها، وهذا ما يميزها عن وجهة النظر الصينية التي تبدو أنها تميل لصالح القوة والنفوذ دون أي اعتبار للسرد الإعلامي الذي يغلف وجهة نظرها قبل تقديمها للعالم.


وجهتا النظر تسعيان في المحصلة لذات الهدف، قيادة العالم، إلا أن لكل منهما طريقته في الوصول إلى ذلك، وقد تكون بكين اليوم أقرب إلى القبول في ظل تهاوي مفاهيم العون الإنساني والأخلاق ورعاية الدول الأقل نمواً بعد أن فضحت جائحة كورونا الوجه الحقيقي للدول الغربية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي مارست أسلوباً أقرب إلى مفهوم «أنا ومن بعدي الطوفان» في بداية تفشي الوباء.


سعت الصين منذ سنوات طويلة إلى استغلال قوتها الاقتصادية للنفاذ إلى عمق المناطق الجغرافية، التي تشكل تهديداً فعليّاً للمصالح الأمريكية دون أن تشتبك في القضايا السياسية والصراعات العسكرية، وهذا ما مكّنها من بسط نفوذها وسيطرتها على اقتصادات العديد من الدول دون أن تدخل في صراع مباشر مع أمريكا أو تصدم بمعوقات توقف تقدمها نحو الهدف الذي تسعى إليه.

الخلاصة: على العالم أن يستعد لغزو فكري جديد لمفاهيم التنمية والتطور، ومرحلة قائمة على النمو الاقتصادي والتطور التقني والتكنولوجيا المتقدمة المنبثقة عن رؤية السلطة ووجهة نظرها، وأن يقبل الرفاه الاجتماعي والاقتصادي المحدد له وفقاً للقوة الصينية المعيارية التي ترى في التنمية بديلاً عن أي شيء آخر.