الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإبادة الجماعية في أفريقيا.. مآسٍ في الذاكرة

خلال الأسبوع الماضي، قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة إلى رواندا تلبية لدعوة من الرئيس «بول كاجامه»، وهي زيارة تاريخية تأتي بعد ربع قرن من العلاقات المتوتِّرة بين البلدين.

وبالنظر إلى أن ماكرون لا يزال في بداية عقد الأربعينات من عمره، فقد كان أول رئيس يتمكن من إغلاق واحد من أكثر فصول التاريخ الفرنسي قبحاً وبشاعةً، والذي يروي قصة مأساة مذبحة الدم البارد التي راح ضحيتها أكثر من 800 ألف من الرجال والنساء والأطفال المدنيين الروانديين بين شهري أبريل ويوليو 1994.

والعسكر الذين نفذوا المذبحة ينتسبون لقبائل «الهوتو» ويطيعون أوامر السياسيين العنصريين الذين عمدوا إلى رسم الخطط وتوجيه الأوامر للبدء بالإبادة الجماعية ضد قبائل «التوتسي»، وتلقوا التدريب والدعم من فرنسا.


وخلال ثلاثة أشهر، كان الجنود الفرنسيون المنتشرون في رواندا شهود عيان على المذبحة من دون أن يبذلوا أي محاولة لإيقافها، واستغرق الأمر بضع سنوات من عمليات البحث والتحقيق في ملفات وأرشيفات وشهادات الناجين من المذبحة من أجل التوصل لتقرير شامل وموثق يقيم الدليل على المسؤولية المباشرة للحكومة الفرنسية في وقوع هذا الفصل المؤلم من الإبادة الجماعية التي تُعد الأخيرة في القرن العشرين.


وكان من الواضح أن ماكرون تجنب الاعتراف بالتواطؤ الفرنسي في حدوث المذبحة، لأن هذا الاعتراف سوف يكون مرفوضاً من جانب المؤسسة العسكرية، وفي هذه الحالة، يمكن للمرء أن يتساءل عن الحدود الحقيقية التي تفصل بين الامتناع عن التدخل والتواطؤ.

وعلى أية حال، فقد أشرعت هذه الإيماءة اللطيفة من الرئيس ماكرون الباب أمام إقامة تعاون مثمر بين البلدين، وسبق لرواندا أن فازت بلقب «النمر الأفريقي» بسبب سياستها التنموية الناجحة والسريعة، وبالرغم من أنها واحدة من أصغر الدول الأفريقية إلا أنها من أسرع البلدان نمواً وقدرة على الإنتاج باستخدام التكنولوجيات الحديثة، وهي تمتلك واحداً من أكثر جيوش أفريقيا كفاءة، حيث يتم نشره بكثافة في عمليات حفظ السلام مثلما هي الحال الآن في جمهورية أفريقيا الوسطى.

وجاءت المفاجأة الثانية من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عندما اتخذت قرارها مؤخراً بتسوية حسابات ألمانيا مع التاريخ وقدمت اعتذاراً عن إبادة جماعية ارتكبها الألمان بين عامي 1904 و1908 في مستعمرة أفريقية تابعة لهم تدعى الآن ناميبيا، حيث تم القضاء على أكثر من نصف عدد سكان قبيلتي «هيرورو» و«ناما» من أجل الاستيلاء على أراضيهما ومواردهما.