الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السودان.. و«القبيلة البشرية الواحدة»

لاشك أن نقد الذات من المزايا، ولكن يجب على المرء ألا ينتقد نفسه فحسب، بل يجب أن يعمل على الارتقاء إلى أعلى القيم والمُثل التي لا يشترط أن تكون مثالية، بل السعي لإتقان الجودة والتقدم في هذا السياق، والمفارقة يعترف كل قادة السودان بفشل الحكومة الانتقالية من الجانبين، وبكلمات الرئيسين رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء، وكلاهما في السلطة.

فإن كان نقدهم الذاتي لغرض المعالجة فهذا يتطلب مواجهة الزوايا المظلمة لماضي البلاد بصدق، وتوسيع الحقوق والفرص لمزيد من المواطنة، على أن نرى التنوع في هذا البلد على أنه قوة، وليس نقطة ضعف، ولذا يمكن اختيار طريق التقدم، لكنه يتطلب اتخاذ بعض الخيارات المهمة، وربما الصعبة.

لكن قادة السودان كانوا مدمنين للبحث في الخارج عن الخلاص من أزماتهم، وبات تركيزهم على إلقاء اللوم على الآخرين على أنهم مذنبون وتسببوا في أزمات بلادهم، غير آبهين بأنهم في النهاية مسؤولون عن مصير وطنهم.


وفي سياق موازٍ نرى أن الدول الشقيقة والصديقة تبذل قصارى جهدها لمد يد العون للسودان لإخراجه من النفق المظلم، الذي يقبع في أتونه حتى ينجح شبابه ويستقروا ويسهموا في العالم، مدركين أن مستقبل بلدهم هو لهم. ركائز هذا النجاح واضحة، وهي الحكم الديمقراطي القوي، والتنمية التي توفر الفرص لجميع الناس، والشعور بالهوية الوطنية الرافضة للصراع، من أجل مستقبل سلام دائم، يمكن من خلاله رؤية السودان في أفق المستقبل.


ومع ذلك، لا بد من اتخاذ خيارات صعبة للوصول إلى تلك الوجهة، والحقيقة الوحيدة هي أن الجميع يناضل من أجل الإصلاح، من خلال السير على طريق ديمقراطية قوية وأكثر شمولاً وشفافية ومساءلة، وتشكيل المجلس التشريعي، والحاجة للبدء بالانتخابات في موعدها لتشكيل حكومة منتخبة سلمية.

والموافقة على دستور يوفر خريطة طريق للحكم بينما يضع المزيد من السلطة في أيدي المجتمعات المدنية حتى تنجح الدولة، لقد رأينا قوة المجتمع المدني السوداني في ثورة ديسمبر، وقدرة المواطنين، وخاصة الشباب، على التنظيم والدعوة للتغيير، هذا هو الأوكسجين الذي تعتمد عليه الديمقراطية.

توسيع دائرة الفرص للشباب، وتعليمهم وتثقيفهم ضرورة قصوى، من خلال تبنّي فكرة التسامح والسلام، لإدراك أن السودان في طريقه للعمل بأذرعهم، ولأنهم منفتحون بفضل إتقانهم التكنولوجيا، يمكنهم استبدال ظلام الماضي بالنور الذي توفره للعالم، وبهذه الرؤية الجديدة يجب أن تتاح للشباب الفرصة للتعبير عن آرائهم، وتبادل الآراء، وقضايا الوطن.

وأن يتعلم الشباب كيفية رؤية أنفسهم مرتبطين، ومعرفة أن مصيرهم مرتبط بالعالم، وفي النهاية هم جزء من قبيلة واحدة، هي القبيلة البشرية.