الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مصر.. دور محوري في أفريقيا

عادت مصر من جديد، وهذه المرة باعتبارها قوة إقليميّة أفريقيَّة، ويوحي النشاط الدبلوماسي المصري المحموم في شرق أفريقيا بأنَّ مصر أصبحت بالفعل قوة إقليمية صاعدة وخاصة في القرن الأفريقي، وقد كانت منذ زمن بعيد، تسعى لاقتناص موقع قيادي في المنطقة مع الحرص الشديد على عدم الإعلان عن هذه النية والبوح بها، ولكنّها باتت الآن مكشوفة.

وكان من الواضح أن مصر فضّلت انتهاج سياسة ضعيفة التأثير في منطقة الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، ونحن نتذكر كيف تجنبت التدخل في الحرب المحلية السورية والصراع المرير في العراق والقضية الفلسطينية، ويمكن القول إن امتناعها عن التدخل في اضطرابات الشرق الأوسط هو خيار منطقي يتصف بالحنكة والذكاء.

وهناك العديد من القرائن والأدلّة التي تؤيد هذا الحكم، ومن ذلك مثلاً، أنه سبق لها أن تورطت في العديد من القضايا الإقليمية المتعلقة بالشرق الأوسط ولم تجنِ من تدخلها غير الخسائر البشرية والمادية.


ومن خلال سياسة النأي بالنفس التي اتبعتها، وعدم التورط في الحروب والصراعات التي لا تنتهي في المنطقة، تمكنت من التوقف عن إهدار إمكانياتها وطاقاتها وحافظت على مستوى رفاهية الشعب المصري.


ومع ذلك، تبقى هناك حالات لم يكن بالإمكان تغافل مصر عن دورها القيادي في معالجتها والوصول بها إلى الحلول الملائمة كقضية احتكار مياه النيل وإنشاء سد النهضة الإثيوبي، وكان لهذه القضايا أن تدفع مصر بقوة إلى موقع ريادي جديد وهذه المرة في شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي.

ويمكن القول: إن التهديد الوجودي لمصر يتعلق بالتلاعب بالمورد الرئيسي للحضارة المصرية وهو مياه النيل، وهذا ما دفع قيادتها للتمسك بموقع ريادي في المنطقة، وتشرف مصر على أهم كيانين مائيين في الحضارة الإنسانية هما: نهر النيل والبحر الأحمر.

ويُعدّ ضمان أمن واستقرار منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي مصلحة عالمية مشتركة وليس لمصر وحدها بسبب أهميتها الحيوية من النواحي الاقتصادية والجغرافية والاستراتيجية، وهذا يوحي بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر لتحقيق أمن المنطقة، وبما يضمن لها تبوؤ مكانة مهمة في السياسة الدولية.

لقد أصبحت المبادرات المصرية لحلّ النزاعات الإقليمية واضحة للعيان، وخاصة في حرب غزة خلال شهر مايو الماضي، ثم التأكيد على دور مصر الذي لا غنى عنه للوساطة في العراق وسوريا وليبيا، ويمكن القول إن الدور المصري في حل النزاعات أو التخفيف من حدتها سوف يؤخذ كأمر مسلم به.