الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تفاهمات سوريّة ـ سوريّة قريبة

بعد ركود دام لأكثر من عامٍ شهدته القضية السورية، تعودُ اليوم إلى التحرك الدبلوماسي والإعلامي، ولكن ما يميز هذه الحركة أنها تتمُّ بتصريحاتٍ وتحركاتٍ روسية بين الأطراف الدولية والفرقاء المحليين قبيل انطلاق جولات «آستانة» برعاية روسيا، كما تتميز بمحاولة روسيا جذب الفرقاء على الأرض إلى قنوات اتصالٍ محلية برعايتها، والتي تتضح بتركيز الجانب الروسي على محورين رئيسيين:

المحور الأول: يتعلق بالتقارب بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا المدعومة أمريكياً، إذ تجدد روسيا الدعوات - وإنْ بطريقةٍ غير مباشرة - إلى الحوار بين «قسد» والحكومة السورية، مبدية استعدادها لرعايته من أجل التوصل إلى تفاهمات تجعل الحل المستدام ممكناً، فعلى هامش لقاءٍ جمع وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» ووزير خارجية البحرين «عبداللطيف الزياني» في موسكو أبدى «لافروف» استعداد روسيا لجسر الهوة بين الأكراد ودمشق، ودعوة الطرفين إلى المرونة والتعامل على مبدأ وطني يضمن وحدة الأراضي السورية من جهة، ويعمل على تطوير الإدارة لشكلٍ يجعل الوصول لحلول ممكنة أمراً قابلاً للتطبيق من جهةٍ ثانية، بإشارة ضمنيةٍ بأنّ روسيا قادرة على إقناع دمشق بالمرونة مع قسد شريطة التزام الأخيرة بوحدة سوريا.

المحور الثاني: يتضح بتطبيق مبادئ جولات «آستانة» و«سوتشي»، فقد رعت روسيا مؤخراً تبادلاً للأسرى بين الجيش السوري وفصائل مسلحة مدعومةً تركيّاً في الشمال السوري، وعلى الرغم من أنّ الحدث لا يعني أن التفاهم التام حاصل بين الطرفين إلا أنه قد يكون بوابةً تَنفُذُ منها بعض التفاهمات التي ربما تتطور إلى حوارٍ صريحٍ بين الفرقاء مستقبلاً، وتجنيب الطرفين صراعاً دامياً يهدّد الإنجازات المحققة على مدى عامين، لا سيما أن روسيا هي الجسر الواصل بين الحكومة في دمشق من جهة والفرقاء الدوليين الداعمين لهذه الفصائل من جهة أخرى، بما يعطي الانطباع بأنّ الجو العام قابل للتطور إلى حوارٍ جديٍّ بين الفرقاء السوريين أنفسهم على الأرض السورية.


كل ذلكَ ليس بجديدٍ على طاولة بحث القضية السورية، إنما الجديد يكمن بتركيز روسيا في هذه المرحلة على جمع الأطراف السورية، وهو ما اختفى عن مجريات التعامل مع القضية السورية لعقدٍ من الزمن، الأمر الذي يُنذرُ بتفاهمات قريبة بين الأطراف السورية بما يدفع عجلة الحلّ نحو الدوران إلى الأمام.