الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لبنان.. والارتطام الكبير

يقول الكاتب الأمريكي ويليام آرثر وارد: «ركز طاقتك على الأجوبة وليس على اختلاق الأعذار»، فليس هناك أسوأ من مسؤول لا يملك من أمره شيئاً سوى تحذير العالم من ارتدادات انهيار بلاده، وكأن المشكلة في الارتدادات الإقليمية والعالمية لا في دمار وضياع دولته وتأثير ذلك على أبناء شعبه.

رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب وخلال لقائه مع سفراء عدد من الدول قال: «إن لبنان على شفير الكارثة، لكن عندما يحصل الارتطام الكبير، فسيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان، ولن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر الانهيار»، وقبل ذلك تعليق رئيس الجمهورية ميشال عون عن الوضع الداخلي والذي وصفه بكل بساطة بأن البلد «رايح جهنم»، ولا يختلف عنهم بقيَّة التيارات والأحزاب، فالكل يحذر من الوضع والكارثة المقبلة.

سياسيو لبنان يتقاذفون الاتهامات فيما بينهم، وأقصى ما يفعلونه مطالبة العالم بالتدخل الخارجي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في الوقت الذي يغرق فيه لبنان، والأوضاع الاقتصادية المتردية تنهش لحم الشعب وتنخر عظامه، ولا أحد يحرك ساكناً وكأن الجميع لم يعُد مكترثاً ببقاء الدولة واستمرارها.


العالم لا يعرف سوى لغة المصالح ولا أحد سيهتم بما يحدث في لبنان إلا بقدر تأثر مصالحه، وبما يعكس توجهاته ويضمن نفوذه، لذلك من الطبيعي أن نرى التضارب الحاصل بين التيارات اللبنانية المرتبطة أصلاً بالخارج منذ عقود طويلة، فهي ليست أكثر من قوى وظيفية تعكس سياسات وأجندات محددة لهم.


مطالبة العالم بإنقاذ لبنان مسألة عقيمة، ودليل فشل كافة التيارات والقوى المحلية، فهم أكثر الناس إدراكاً أن العالم منقسم بشأنهم، وهم أنفسهم أكثر انقساماً وغرقاً في وحل المصالح الحزبية والشخصية، وينتظرون حلاً خارجياً ينهي مشكلة لبنان رغم أنها صناعة محلية بحتة ناتجة عن تأخر أولوية الدولة واستمرارها، وتقدم أولوية الارتباطات العابرة للجغرافيا الوطنية.

باختصار، فإن تحذير رئيس الحكومة من الارتطام الكبير، وتبشير رأس الدولة من الذهاب إلى جهنم ليست سوى ذرائع لإخفاء الفشل السياسي وعدم القدرة على الخروج من المسار المرسوم، ذلك المسار التائه بين ما يريده الخارج وبين مصالح الداخل، فإذا ما أراد ساسة لبنان أن يجنبوا بلادهم الكارثة والفشل فعليهم أن يقفوا مع أنفسهم لحظة صدق يكون فيها لبنان أولاً، ومن ثم الاختلاف على أي شيء آخر غير ذلك.