السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ضبط التوقيت على أفغانستان

تطورات الوضع الأفغاني المرتبطة بالانسحاب الأمريكي الكامل ليست ملفاً أفغانياً مغلقاً، بل مفتوح على سعته باتجاه العالم كله، ففي أوروبا هناك مئات الآلاف من اللاجئين الأفغان الذين كانوا يخضعون لبرنامج ترحيل منتظم ببلدهم بوصفها بلداً آمناً فيه حكومات متعاقبة منتخبة، لكن منذ أيام تغيرت الصورة فجأة، وشرعت دول منها السويد بوقف ترحيل سبعة آلاف أفغاني كون بلدهم خاضعاً في أجزاء رئيسية منه لحركة طالبان، وهذا سبب يبرر بقاءهم لاجئين.

إذن ماذا يمكن أن يحدث مستقبلاً؟، وكم ستبلغ نسبة الهجرة الجديدة مع تقدم قوات طالبان، وتبدد كل الجهود التي بذلتها السلطات في كابول مع قوات التحالف الدولي والولايات المتحدة طوال عشرين عاماً؟

المشهد لا يتطابق في الشبه مع ما كان عليه قبل عقدين من الزمن، فحركة طالبان التي كان حكمها مبرِّراً لشن الغزو الأمريكي، دخلت وهي لا تزال خارج السلطة الرسمية في ثلاث مفاوضات لا تزال اثنتان منها مستمرتين في إيران ودولة خليجية، فضلاً عن تلك المفاوضات متعددة الجولات مع الجانب الأمريكي الذي باتت علاقته في فهم أهداف الحركة أكثر من ذي قبل حتماً.


الآن العالم يتفاوض مع الحركة التي اجتمعت جيوش عدة وهزمتها وأقامت حكماً مدنياً في أفغانستان، لكنه لم يستطع استيعاب المجتمع القبلي بما يجعله قادراً على حماية مدنه وسكانه من الاجتياح الجديد لطالبان.


باكستان المتهمة دوماً بأنها ملاذ خلفي لطالبان في العقدين الأخيرين، وكذلك إيران، أعلنتا الاستنفار على حدودهما بعد سقوط المعابر بيد الحركة، وهذا يعني أن حركة التجارة الخارجية البرية الرئيسية في طريق الشلل، في بلد ليس له ميناء بحري ولا حركة نقل جوي تجارية واسعة.

هناك محاولات جادة في الدول الإقليمية لترتيب أوضاعها مع التطورات الأفغانية من دون النظر إلى المجتمع الدولي الذي أعلن أن خياره الوحيد هو الانسحاب العسكري، وربّما الدبلوماسي الكامل من بلد، إذ لم يفهم الغرب طبيعته القبلية المعقدة والقاسية مثل جغرافيته.

الرسالة التي بعثتها واشنطن في الانسحاب تترك أثرها في مناطق أخرى من العالم تعيش طور انسحاب أمريكي منها، مع وجود أكثر من سيناريو يمكن أن يظهر فجأة، كما في العراق، الذي قد تتركه واشنطن، كأفغانستان ليواجه أي خيار متاح فيه.

لكن سيكون هناك اختلاف نوعي في قوى ملء الفراغ، حيث الخيار في أفغانستان يتوافر على نسبة أعلى من الاستقلالية الذاتية من خيارات عراقية بطعم نفوذ الآخرين.