الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

هذا ما فعلته كورونا بنا.. وبالعيد أيضاً

للعام الثاني على التوالي يقضي المسلمون «عيد الأضحى» تحت وباء كورونا، وللعام الثاني على التوالي تغيب «نكهة العيد» بسبب اقتصار «شعيرة الحج» على عدد قليل من المسلمين السعوديين والمقيمين في المملكة.

ورغم أن التكنولوجيا ومنذ سنوات، قد أثرت على الزيارات العائلية في مثل هذه المناسبات، واقتصارها على الهاتف والرسائل النصية، إلا أن كورونا فرضت ذلك التوجه فرضاً، فبعض الدول منعت الزيارات العائلية في كل المناسبات، ومنعت إقامة الأفراح العامة أو العزاءات خوفاً من انتشار العدوى، وكأن البشرية تتدرب ليوم القيامة، يوم يقول كل واحد «نفسي– نفسي»، وهو ما فرضته كورونا على الجميع.

وفي الشق الآخر من القضية، تفاقم الفقر بسبب الجائحة، جراء إغلاق العديد من المؤسسات الاقتصادية، وتعطل العمال اليوميين، وتوقف وسائل النقل حتى لا تنتقل العدوى من مكان لآخر، وتم تسريح آلاف العمال، وأغلقت المقاهي والمطاعم ومحلاّت الحلاقة والدكاكين والمساحات التجارية الواسعة وغيرها. ورغم أن بعض الدول، مثل الجزائر، خصَّصت منحاً وتعويضات لمن تضرروا ماديّاً من الوباء، إلا أن ذلك لم يكن كافياً حتى لتسديد فواتير المياه والكهرباء، ما أثر حتى على الالتزام بالتدابير الوقائية ودفع للتمرد عليها، فالجوع له حكمته.

هذا الوضع، أثر بشكل كبير على عيد الأضحى لهذه السنة في الجزائر، وربما في كل العالم الإسلامي. ففي العام الماضي، لم يضحِّ عدد كبير من الناس بسبب كورونا التي انتشرت لتوها وكانت مخيفة للغاية، لكن هذه السنة، قلّ عدد الأضاحي ليس خوفاً من الوباء بل بسبب الفقر الذي خلَّفه الوباء.

فقد كتبت أستاذة في قسم الإعلام بــ«جامعة الجزائر3» منشوراً على فيسبوك تقول فيه: «لماذا لا أرى الكباش في حيّنا..؟ ألم يحلّ العيد بعد؟»، وفعلاً نبهتني تلك الأستاذة، وهي نفس الملاحظة في حيّي أنا، بينما كان الناس يتسابقون لشراء الأضاحي في وقت مبكر، بل ويتباهون بها، بل هناك حتى عادة سيئة في بعض جهات الجزائر وهي تنظيم «مسابقات للمبارزة بالكباش»، ويطلق على الكباش أسماء مسلّية بعضها يحمل اسم الملاكمين، وأخرى اسم اللاعبين المشهورين، وأخرى تحمل اسم أندية عالمية في كرة القدم.

إن هذه الأستاذة تعي جيداً ما تقول، فعْلاً لا توجد علامات العيد، وهي الكباش.. وصراحة لا أجد سبباً لذلك ما عدا الفقر الناتج عن كورونا.. صحيح أن رواتب الجزائريين ضعيفة، وسعر بعض الكباش يبلغ 5 مرات الحد الأدنى للأجور، ومع ذلك كانوا يضحون.