الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

أسواق الطاقة.. وقطار التغيير

منذ خمسينيات القرن الماضي، وتكهنات بعض الخبراء تتحدث عن نقص وشيك في الثروة النفطية، أو ما يعرف بنظرية نضوب الطاقة، والتي ثبت لاحقاً أن بها استنتاجات كثيرة مبنية على افتراضات متوهمة، مثل ميلها للتقليل من الكمية الحقيقية لاحتياطيات البترول العالمية، وقدرة التكنولوجيا على التغلب على القيود المادية.

في ظل تفشي الجائحة، وتولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية تغير الوضع تماماً، إذ يبدو أن قطار التغيير يسرع الخطى نحو ترسيخ منظومة الاقتصاد النظيف، وهو تغيير سينال من هيكل أسواق البترول بشكل جذري، وربما يفوق هذا التحول ما أحدثته ثورة النفط الصخري.

يقيناً، فإن جودة الهواء أثناء عمليات الإغلاق حفزت الحكومات على اتباع سلوكيات صديقة للبيئة، الأمر الذي يوحي باتجاه واضح للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وربما يدفع الناخبون بقوة في هذا الاتجاه، ولا شك أن هذه التغييرات السلوكية سيكون لها تأثير كبير في الطلب، ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يرتبط 80% من الطلب النفطي بالوقود، ويكفي أن نرى انخفاضاً دائماً في معدلات الطلب بسبب تغير عادات التنقل، لفرض تعديل جذري على العرض، وربما تظل مسارات ركوب الدراجات التي أُنشئت عبر المدن الرئيسية للحد من استخدام وسائل النقل العام قيد الاستخدام على الدوام.


قطعاً، لن تحدث التغيرات الهائلة في اقتصاد الطاقة بين عشية وضحاها، لكن الظروف المواتية التي فرضتها الجائحة المميتة سرعت من عملية التغيير المرتقبة، وكما تفاجئ العالم في شهر مارس 2020، بتهاوي عقود الخام الأمريكي إلى السالب، ربما يكتشف قطاع النفط العالمي أن أكبر ما يمتلكه من أصول هو المسؤولية الثقيلة المترتبة عن هذا التغيير.