الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

جمعتهم الإنسانية..

شكلت جائحة كورونا تحدياً للبشرية جمعاء، فالفيروس الذي لا يرى بالعين المجردة أدخل العالم في جحر، وفرض على البشرية أسلوب حياة لم يكن معتاداً عليه من قبل، لجهة العادات والسلوك والعلاقات بين الأفراد. وعلى الرغم من المآسي المستمرة التي خلفها الفيروس، وعدد الإصابات التي تعدت الملايين والوفيات التي تجاوزت مئات الآلاف حول العالم، إلا أن الإنسانية تجلت في أبهى صورها، حيث تقدم الجيش الأبيض من أجل التصدي للجائحة حول العالم، حيث كان للأطباء العرب المقيمين في الدول الأوروبية وصولاً إلى الولايات المتحدة، الصفوف الأمامية، غير آبهين بالمخاطر الناتجة عن إقدامهم على معالجة المصابين بالفيروس، دافعهم إلى ذلك واجبهم الإنساني تجاه المجتمعات التي يقيمون فيها، وتنفيذ عملي لقسم أبقراط، على الرغم من حاجة بلدانهم أيضاً لهم، لكنهم مضوا في أداء مهمتهم الإنسانية في المدن الغربية، في كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، إذ إن إنقاذ حياة الإنسان، أينما كان، عمل نبيل.

لقد تفانى عدد من المختصين الطبيين الإماراتيين في مسعاهم الإنساني لمساعدة المصابين في المستشفيات الأمريكية بفيروس كورونا، ودفعت التضحيات التي قدّمها هؤلاء الأطباء البلدان التي يقيمون فيها لغرض الدراسة أو العمل إلى شكرهم، فقد أقدمت الحكومة الفرنسية على شكر نحو 280 طبيباً سعودياً يقاتلون في الصفوف الأمامية مع زملائهم الفرنسيين، من أجل إعاقة التهام الفيروس نفوساً بشرية، وكذلك فعل أطباء لبنانيون ومغاربة، فلم يمنعهم شيء عن بذل كل طاقتهم لإنقاذ الأرواح.

وفي سياق الشكر والعرفان، أظهرت الخارجية البريطانية امتناناً مماثلاً للأطباء العرب الذين ينشطون في مدن البلاد المنكوبة إلى جانب نظرائهم البريطانيين، وسقط طبيبان من الجنسية السودانية، وهما يؤديان واجباتهما الإنسانية، ضد وباء لا يخجل من افتراس الأطباء حتى وهم يسعفون ضحاياه.


إنسانية الأطباء العرب، تخطت الخلافات السياسية فكانوا إلى جانب زملائهم اليهود وعملوا معاً في إسرائيل لمكافحة الجائحة التي لم تميز بين عربي ويهودي، وكان فعلهم تصرفاً عملياً لإسكات الذين «يبثون الكراهية».


الخلاصة المستقاة من تجربة مواجهة الجائحة أن الإنسانية تقدمت على حساب العرق والجنسية، وأعطى الفيروس البشرية درساً بأن الترابط والتآخي يتخطيان الحدود، وأن الإنسان هو القيمة الأساسية التي تسمو على غيرها من القيم.