الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السيبرانية.. والتهديد بحروب عالمية

تزايدت في السنوات القليلة الماضية الهجمات الإلكترونية بين الدول المتعادية، وبين الشركات والمؤسسات الأمنية عبر شبكات الإنترنت.

الحروب الإلكترونية بدأت تستهدف المرافق الأساسية للدولة بالدخول على برامج عملها وتعطيلها، سواء كانت موانئ بحرية أو مطارات أو شركات تزويد بالكهرباء أو محطات تنقية المياه أو المستشفيات أو السفن في أعالي البحار، فضْلاً عما هو أولى بالاستهداف، مثل محطات توليد الطاقة النووية، أو سفن نقل النفط أو خطوط نقل الغاز، أو حواسيب البورصات والشركات المالية والبنوك وغيرها.

هذه الهجمات الإلكترونية المتزايدة دفعت معظم دول العالم لإنشاء جيش إلكتروني، قد تكون مهمته في البداية الحرب الدفاعية، وذلك بحماية برامجها من الاختراق والانتهاك.


هذه المخاطر لا يستهان بها اليوم لأنها قد تؤدي إلى قيام حرب عالمية ثالثة أو قيام الدول الكبرى بتوجيه ضربات نووية دفاعية بسببها، وهذا ما يراه البعض مُتضمِّناً في خطاب الرئيس الأمريكي «جوزيف بايدن» الأسبوع الماضي أمام مسؤولي الاستخبارات في بلاده، فقد حذر من حرب حقيقية مع قوة عظمى إذا تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية لهجوم إلكتروني كبير.


التحذير الأمريكي يدرك خطورة أن تتعرض أمريكا إلى هجوم قد تقوم به روسيا أو الصين أو الاثنان معاً، يكون خطوة أولى لإحداث ضعف هائل داخل أمريكا، بحيث يكون الهجوم السيبراني الخطوة الأولى فيه، ثم يعقبه ضربات عسكرية نووية أو غيرها تكون لها عواقب وخيمة.

وعليه، فإن الهجمات الإلكترونية المتزايدة في السنوات الأخيرة هي مؤشر على طبيعة الحروب المقبلة، فمرحلة التجسس الإلكتروني على مؤسسات الدول الأخرى أصبحت بديلاً أجدى من إرسال الجواسيس أنفسهم، وشبكات الإنترنت القابلة للاختراق أصبحت تقدم للدول المعادية بيانات كاملة عن قدرات الدولة العسكرية والأمنية والاقتصادية والبشرية والفنية وغيرها، بل تقدم بنود الخطة العسكرية لمواجهة تلك الدولة، بحيث تصبح الأهداف المطلوبة معلومة من خلال الاختراق الإلكتروني الأولي، فالحرب الإلكترونية لا تبدأ بعمليات توجيه الهجمات الإلكترونية نفسها، وإنما منذ بداية عمليات التجسس والاختراق نفسها.

إن المخاطر التي تواجهها الدول من الهجمات عامة وشاملة في حياتها المدنية والسياسية، فبيانات المواطنين في مكاتب الأحوال الشخصية والصحية والتعليمية عرضة للسرقة، والأخطر من ذلك توفر قدرة تجسسيه بين الدول أن تتدخل في عمليات الانتخابات في الدول الأخرى، سواء بنشر معلومات مضللة عنها، أو في التجسس على سجلات المرشحين والناخبين والتأثير على مجرياتها.. فهل يذهب العالم لوضع قوانين ضابطة لحماية البيانات الإلكترونية، وسن اتفاقيات دولية بخصوصها؟