الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الجزائر وتونس.. الجدّ والطَّيْش

علق كثيرون على تعدد المكالمات والزيارات بين الجزائر وتونس في هذا الظرف؟ وتساءلت قناة تونسية: هل الجزائر قلقة فعلاً مما يحدث في تونس؟.. والسؤال يقدم ملامح للجواب، وهو: إنها قلقة من عدم الاستقرار ومآلاته على تونس وانعكاساته على الجزائر، ويحدث هذا الشعور بين كل دول الجوار.

في عام 2011 بعد ثورة تونس على زين العابدين، نظّم حزب جبهة التحرير الوطني «جلسة عصارة مخ»، شارك فيها مناضلون وسياسيون وأكاديميون، وقلت حينها: إن ما أصاب تونس سيصيب الجزائر وعدة دول لتشابه الأوضاع، فحاول أحدهم إسكاتي، فرد عليه عبدالعزيز بلخادم: إنه لا بد من الاستماع لكل الآراء والأفكار، وتناهى لعلمي لاحقاً أن الرئيس بوتفليقة قد أمر بذلك، وانعكس ما دار داخل الجلسة في قراراته شهر أبريل 2011.

وعندما وقعت عملية إرهابية في «بن قردان» بتونس كتبت مقالاً بعنوان: «عندما استهدفت الجزائر في بن قردان» نشرته في صوت الأحرار الجزائرية والشروق التونسية. ذلك لأنهما «ظهر واحد لبدنين»، فتونس ظهر يحمي الجزائر، والجزائر ليست سوى الظهر الحامي لتونس.

وعلى هذا، لم تكن الجزائر ضد ثورة تونس، بل أسهمت في عهد بوتفليقة في التفاهم بين النهضة والباجي قايد السبسي، رحمه الله، واستقبل بوتفليقة الباجي والغنوشي عدة مرات، وقدم لهما ما قدم من النصائح التي ذكرت لاحقاً في مقالات تحليلية لكُتاب متابعين.. إنه الجدّ.

في ذلك الوقت قال كثيرون في الجزائر، إن الباجي قايد السبسي، له كتاب يتحدث عن حدود تونس إلى غاية قسنطينة، وبالتالي لا يستحق الدعم.. إنه الطيش.

وفي عام 2014 قدمت الجزائر 200 مليون دولار لتونس، وفي 2020 قدمت لها وديعة بـ150 مليون دولار.. إنه الجد.

وقال المتفقهون في السياسة إن الجزائر أولى بتلك الأموال للتنمية في الجنوب وفي مختلف الجهات، وهذا هو عين الطيش، وقد علّقت على ذلك في تدخل تلفزيوني: ماذا تقولون لو «قدمت إسرائيل قرضاً لتونس بمليار دولار؟».

وعندما واجهت تونس صعوبات في مكافحة كورونا قدمت الجزائر على مرتين في فبراير ويوليو دعماً بمواد طبية، رغم صعوبات كانت تواجهها إلى اليوم، وهو الجدّ، لكن بعضهم علق بأن الجزائريين أوْلى بـ«الأوكسيجين»، وهو طيش. وهكذا يختفي الطيش وراء «حق يراد به باطل».

لقد بيّن التاريخ أنه بسقوط دولة جارة تسقط الدولة الأخرى، فبقاؤك واقفاً يكمن في بقاء جارك على ساقيه.