السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

السودان.. خليط «الأناركيون والشيوعيون»

يعرّف كثيرون الشيوعية بأنها «دكتاتورية البروليتاريا» وهي نظرية تاريخية وسياسية واقتصادية تؤمن بأن العلاقة المادية بين عوامل الإنتاج تبني البنية السياسية والاقتصادية للمجتمع، والتي تشكل في نهاية المطاف عملية الفكر الثقافي للناس، لأن العلاقة بين أصحاب رأس المال والموارد بخلاف أصحاب العمل، في رأيهم هي كسب المزيد من الأرباح من خلال استغلال القوى العاملة.

وهكذا يجب أن تحدث الثورة، بقيادة قوة العمل التي من شأنها أن تطيح بالرأسمالية، وتؤسس حكومة تكون فيها الدولة، التي يديرها حزب سياسي واحد غير منافس، مسؤولة عن جميع عناصر المنتج، بتصميم وتنفيذ الخطط الاقتصادية بما يعتقدون أنه سيضمن التوزيع العادل للسلع في إطار «دكتاتورية البروليتاريا».

أما الحرية المطلقة، فهي فلسفة سياسية تعتبر الدولة غير مرغوب فيها وغير مهمة ومضرة بالمجتمع، وتروج لمجتمع بلا دولة، وتسعى للحد أو القضاء على تدخل السلطة في السلوك الفوضوي والأيديولوجي والداخلي.


العلاقات الإنسانية ــ السياسية القائمة على مبدأ الحرية الفردية للمواطنين، وفقاً للمؤمنين بـ«الأناركية» يجب أن يكون المجتمع المثالي في مأمن من أي حكومة أو أي سلطة دستورية أو أي قانون أو هيئة تشريعية.


وللمفارقة، بعد فحص الوضع السوداني الحالي، نجد أن النظريتين ظاهرتان خلال الفترة الانتقالية للسلطة، فيبدو أن البوصلة مفقودة من رؤية الحرية والتغيير، والتي تبدو وكأن «اللاسلطوية» هي الأيديولوجية التي تتبناها ضمنياً في جوهرها من خلال رفض أي سلطة للدولة مثلهم «مثل الفوضويين» الذين يفضلون حرية، وسلطة الأفراد على سلطة الدولة.

بينما يعتقد الشيوعيون أن الدولة التي تشكلت بعد الثورة يجب أن تلغي الملكية الخاصة للممتلكات، وأن تكون الملكية الجماعية بيد الدولة، كما نشهد فعل لجنة إزالة التمكين، وما يحدث في التعيينات في وزارة الخارجية التي يسيطر عليها الشيوعيون، هناك إجماع غريب بين الليبراليين والشيوعيين حول الملكية الخاصة للممتلكات! وإن محاولة دمج هاتين الأيديولوجيتين في واحدة، مع وجود اختلافات منهجية، ستنتج حتماً خليطاً ساماً إذا ابتلعها الشعب السوداني، سيعاني من مرض سياسي له عواقب لا رجعة فيها، وتبقى هناك أسئلة ملحّة، منها: أين المجلس التشريعي الذي دعا رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك القوى السياسية إلى تشكيله بعد شهر من مبادرته الشهيرة في 22 يونيو الماضي؟ ومتى سيعلن عن موعد الانتخابات الدستورية؟