الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

هل يعيد التاريخ نفسه حسب المكان؟

فكرة أن التاريخ يعيدُ نفسه ليست شيئاً جديداً، فقد تصور العديد من المفكرين القدامى التاريخ بنظريات عظيمة ركزت على كيف أن له طبيعة متكررة متأصلة الأحداث نفسها، بظن أن كل حدث تاريخي كان في يوم من الأيام لحظة حاضرة، ويصف بعض منهم الماضي والمستقبل على أنهما فترة نمو عضوي يتبعها انخفاض حاد، وأن التاريخ يتغير مثل تغير الفصول الأربعة بطريقة دورية.

ولكن مهما كانت صياغة نظرياتهم عن تكرار التاريخ جميلة، قد تكون خاطئة، فالتاريخ لا يعيد نفسه، وربما يكون الوصف الأكثر دقة للمفكر مارك توين عندما قال: «التاريخ لا يعيد نفسه، لكنه القافية» ما يعني أن هناك مواقف متشابهة على ما يبدو تتكرر عبر التاريخ، ولكنها ليست الصوت ذاته تماماً.

فلا يزال الإنسان يناطح أخاه الإنسان على المكان الذي يعتقد أن الماضي يبدأ وينتهي فيه، وبذلك يكون عشوائياً يكرر نفسه حتماً، حيث يعيش الأحداث الماضية ذاتها مراراً وتكراراً بشكل دائم، مثلما كان البشر في العصور القديمة يفعلون، فما زالوا يتقاتلون على الأراضي والذهب والجاه والنسب، وربما أبلغ مثال على ذلك، ما يدور في المشهد السياسي السوداني.


وفي سياق موازٍ، لفت نظري في مذكرات هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، تأييده لفكرة الانسجام في التاريخ مع ذكر أنه لا يوجد تطابق دقيق، ولكن «تشابه في المشاكل التي تمت مواجهتها عبر التاريخ، الدول تنشأ بينما تفشل دول أخرى، وتنهار الديمقراطيات» في الديكتاتوريات.


فبين الماضي والحاضر وفكرة ما إذا كان التاريخ يعيد نفسه بما نشهده الآن من تجاوز عدد سكان الحضر عدد سكان الريف في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن تتسع هذه الفجوة في العقود المقبلة، كما ارتفع متوسط مستوى المعيشة حول العالم بشكل كبير، عليه فليست كل الأحداث تبدو متطابقة، لكن لماذا نرى أحداثاً مماثلة تكرر نفسها؟

يؤكد معظم المفكرين المعاصرين: أن هذا قد يرجع إلى أن الطبيعة الداخلية للبشر تتغير على مدى فترات من الزمن، والتاريخ قد يعيد نفسه، ولكن فقط في الخطوط العريضة وفي الحجم الكبير، فإن قوافي التاريخ هي «قوانين التغطية» بمعنى أنه يمكننا إصدار تصريحات عامة حول الأحداث التي تتكرر مع مرور الوقت، كما شهدنا ما حدث للحرب السوفييتية في أفغانستان وإعادتها مع ما نراه الآن بين الأمريكيين وطالبان.