السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«الأموال الموازية».. هل هي نعمة على الجزائر!؟

أمام تراجع احتياطي الصرف الأجنبي، وتراجع مداخيل الجزائر من النفط، والأضرار المباشرة وغير المباشرة لأزمة كورونا، كان الرئيس الجزائري عدة مرات واضحاً وصارماً، أن بلاده لن تلجأ للاستدانة الخارجية من المؤسسات المالية الدولية لأن ذلك يقوض سيادتها، ولن تلجأ للتمويل غير التقليدي لأن كلفته غالية اقتصادياً واجتماعياً.

ورغم تقليص فاتورة الاستيراد في عهد الرئيس عبدالمجيد تبون من 60 إلى 30 مليار دولار فقط، فإن الوضع الاقتصادي بحاجة للتمويل، ويبدو أن الرئيس قد وضع عينيه على البديل.

خلال لقاء له مع المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، كشف الرئيس عن أهم بديل للجزائر، وهو استرجاع نحو 90 مليار دولار مكدسة في السوق السوداء، وهو رقم ضخم يعادل تقريباً مداخيل الجزائر من بيع المحروقات لسنتين، وبمقدوره أن يقي البلاد الاستدانة الخارجية، ويمنحها فرصة الاستدانة الداخلية.

ومن الناحية النظرية يبقى هذا بديلاً معقولاً ومقبولاً، لكن الإشكالية في كيفية استرجاع هذه الأموال المخزنة في خزانات حديدية ضخمة لدى الخواص!

يرجع تمنّع الكثير من رجال المال والأعمال عن إيداع أموالهم في البنوك لعدة أسباب أهمها يتعلق برفض الكثيرين أصلاً الإيداع أو التعامل مع البنوك لاقتناعهم بأن ذلك ربا محرم شرعاً. أما الثاني فيتعلق بالبنوك الجزائرية حيث يصعب على المتعاملين القيام بالتحويلات بالسهولة اللازمة أو استخراج الأموال في الوقت المناسب دون إشكالات، وبالكميات المناسبة، وإذا تعلق الأمر بالتحويلات إلى الخارج فذلك إشكال آخر وينطبق ذلك على الحصول على الأموال بالعملة الصعبة، حيث عادة ما يلجأ «الجميع» للصرف في السوق الموازية، وبذلك أصبحت البنوك أهم معرقل للتنمية وأهم دافع لتكديس الأموال في البيوت.

ومباشرة بعد تصريح الرئيس تبون، علق أحدهم في فيسبوك قائلاً: «إن الأموال الموازية نعمة، فهي التي تحمي الاقتصاد في ظل بنوك تعيسة، وتصوروا لو لم تكن تلك الأموال مكدسة لدى الخواص؟».

في سعيها لإيجاد الحلول، أقدمت الجزائر مؤخراً على فتح شبابيك للبنوك الإسلامية وبذلك تكون نظرياً قد حلت الإشكال الأول المتعلق بالقناعات الدينية، يبقى عامل «الثقة» لكي يقبل الناس عليها، فهي بنوك إسلامية ولا تتعامل مع الربا لكنها في الوقت ذاته تابعة لنظام مصرفي مخيف لهم.

هذا الوضع ومنذ سنوات لم يكن أبداً غائباً عن بال المسؤول الجزائري، حيث سبق للوزير الأسبق للاقتصاد عبداللطيف بن أشنهو أن صرح قائلاً: «إن البنوك الجزائرية خطر على الأمن القومي»، لكن السؤال لمَ التأخر في إصلاحها؟