السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الاعتذار الأمريكي للإمارات (2-2)

هل يقتصر الاعتذار الأمريكي للإمارات على الظاهر من الأسف الذي أبلغه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يخرج إلى المشهد الدولي من حوله.

يؤكد المراقبون وأساتذة وخبراء السياسة الدولية، أن الاعتذار في هذه الحالة يجب أن يتجاوز ويعلو عن كلماته وطقوسه لأمور أخرى ملموسة، تشير لتغييرات جذرية في طبيعة العلاقات، وتحولها عما كانت عليه في السابق إلى علاقات أخرى يستوعب فيها كل طرف- خاصة المعتذر- أن مياهاً كثيرة قد جرت في النهر، وأن العالم الجديد لم يعد يستوعب فكرة القطب الواحد والرأي الواحد وفرض سياسة الأمر الواقع؛ فالحالة المرتبكة الآن التي يعيشها العالم على وقع ما يحدث في أوكرانيا، أثبتت أن النظام الحالي للعولمة- بسيطرة قوة واحدة- لم يعد قادراً على تحمل مسؤولياته تجاه باقي دول العالم. الحرب الدائرة أثبتت أن العولمة ليست الحلَّ الأخير أو «نهاية العالم»- كما قال فوكوياما- بل إن هناك متسعاً لقوى متعددة تستطيع تحمل مسؤولياتها وفقاً لعدالة دولية جديدة.

أثبتت الأيام أن موسكو تمثل رقماً كبيراً في النظام الدولي السياسي والاقتصادي



لقد عانى العالم النامي، من بينه الدول العربية، وخاصة دول الخليج العربي من تبعات سياسات غير مقبولة وقرارات غير مفهومة لا تنظر ولا تحقق سوى مصلحة طرف واحد، ولا يهم مصالح الطرف الثاني، حتى لو جاءت على حساب أمنه القومي.


في غالب الأمر، إن ما هو قادم بعد أن تضع الحرب الروسية - الأوكرانية أوزارها، ليس هو ما نراه الآن؛ فالعولمة لم تحُلْ دون حدوث حالة تضخم ربما تكون غير مسبوقة في العالم في الخمسين عاماً الأخيرة، كما لم تمنع من حدوث موجة غلاء ونقص أغذية غير مسبوقة أيضاً، ولم توفر البديل من أصحاب العولمة ومروّجها وأصحاب نظرية «نهاية العالم» على ما هو عليه من قوة واحدة تتبعها قوى صغيرة.


الولايات المتحدة الأمريكية مهمومة ومشغولة الآن بإعادة تقييم سياساتها في المنطقة العربية، وخاصة مع الإمارات والسعودية ومصر، وهي الدول التي تعرضت لحملات شرسة داخل الولايات المتحدة ومؤسساتها السياسية في الآونة الأخيرة، وقبل اندلاع «الأزمة في أوكرانيا» وبعد أن أظهرت الدول الثلاث صلابة في مواجهة الضغوط والمطالبات الأمريكية والأوروبية بالانحيازات غير المقبولة وغير المدروسة والتي لا تتوافق مع المصلحة العربية والوطنية العامة، بدا ذلك في الموقف العربي، خاصة من الدول الثلاث في موقفها من العقوبات على روسيا، بعد أن أثبتت الأيام أن موسكو تمثل رقماً كبيراً في النظام الدولي السياسي والاقتصادي أيضاً.