الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الكتابة الحقيقية

يعتقد أغلب الكتاب أن الكتابة هي الرئة التي يتنفسون بها، والمتعة التي لا يستطيعون مقاومتها، والصديق الصدوق الذي يبثون له ما يختمر في عقولهم ويختلج في صدورهم، لكن هل لهذه الكتابة من أثر في واقع من نكتب لهم؟، بل وهل يجد الكاتب تفاعلاً مرضياً من القراء المحتملين؟ في الغالب الأعم تكون الإجابة بـ: لا!، إذن أين الخلل؟

يقول لاري ماكنيرني مدير برنامج الكتابة في جامعة شيكاغو: «إن أغلب الكتاب ينطلقون في الكتابة من ذواتهم، ومما يعتمل في عقولهم من أفكار، ويحاولون طرحها ومناقشتها بما يشبه التنفيس الذاتي، في حين أن القارئ يبحث بين السطور ما يلامس اهتماماته وأوجاعه فإذا لم يجدها في أول فقرتين؛ توقف عن متابعة القراءة».

ويضيف ماكنيرني: «إن الكتابة الحقيقية هي التي تشكل قيمة ليس للكاتب بل للقارئ، وإن لهذه القيمة ثلاث سمات تتجلى في الكتابة، الأولى: فكرة ذات انعكاس في واقع الجمهور وعرضها بصورة مقنعة من خلال التركيز على المشكلة وتكلفة استمرارها، والثانية: يجب أن يتسم استعراض الفكرة بالتسلسل المنطقي والانتظام في عرض الظواهر، وتحليلها، وعواقبها وطرق حلها، والثالثة تتعلق باستخدام لغة خطاب واضحة لا تحتاج إلى تفسير أو تأويل».


وحتى لا أقع في فخ الغموض، ولكي أوضح ما أعنيه بالقيمة بالنسبة للقراء؛ أضرب المثال التالي: «لو أنني قلت: إن الاحتباس الحراري أدى إلى تفاقم ظاهرة التغير المناخي.. فهل لهذه المعلومة قيمة لقرائي من المزارعين؟ بالتأكيد لا.. أما إذا أضفت قائلاً: وسيزيد معدل الأمطار في أشهر الصيف ويسمح بزراعة محاصيل مدارية.. هنا سيواصل المزارع القراءة، ويحقق الكاتب التأثير الذي يرجوه».