الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الملحمة في الآداب الشرقية

تشَرفتُ بالمشاركة في حلقة نقاشية، ضَمّتْ كوكبةً من أساتذة الأدب العربي والفارسي والأردي، وذلك بمناسبة تدشين كتاب «الملحمة في الآداب العربية والأردية والفارسية» الذي رَتَّبه وحقَّقه الأستاذ «خواجه محمد إكرام الدين» أستاذ الأدب الأردي في جامعة «جواهر لال نهرو»، ويُمثلُ الكتابُ عدداً من البحوث التي قُدمتْ في مؤتمر دوليّ حول نفس الموضوع نَظَّمه الأستاذ خواجه في يناير الماضي.

ولقد أشار المتحدثون إلى أهمية الملحمة في الآداب العالمية، بما فيها الإغريقية واللاتينية والسنسكريتية، وكذلك أشاروا إلى أسباب قلة الاعتناء بها في الأدبين الأردي والعربي ــ المتشابهين في نواحٍ فنية وموضوعية كثيرة ــ على الرغم من وجود عدد كبير من الملاحم الشعرية والنثرية التي ربما لا تتطابق كلية مع المفهوم التقليدي للملحمة، إلا أنها لا تخلو من عناصرها، وكذلك أسباب وجودها في الأدب الفارسي في شكل «الشاهنامة» لـ«الفردوسي».

كذلك أكّد المتحدِّثون ضرورة إعادة النظر في المفهوم التقليدي للملحمة، وتوسيع نطاقه ليشمل كل المراثي التاريخية والمنظومات التي تحكي قصة نشأة مجتمع، أو حضارة، أو ديانة، أو شخصية ملهمة أو واقعة تاريخية مهمة تصور الصراع بين الخير والشر أوالحق والباطل، ومن هنا فإن كل المنظومات الشعرية حول سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومراثي الإمام «الحسين» رضي الله عنه، والحوادث السياسية، والأحداث التاريخية العربية، وتاريخ حركات التحرر التي تناولتها الآداب العربية والأردية يجب أن تدخل ضمن نطاق الأدب الملحمي.


امتازت الملاحم العربية عبر العصور بخلوها من الأساطير والخرافات التي تضمنتها معظم الملاحم العالمية، وتُعدُّ قصائد «حسان بن ثابت»، و«كعب بن مالك»، و«كعب بن زهير»، والإمام «البوصيري»، وغيرهم من شعراء العربية، والأردية، والفارسية في مدح سيد العرب والعجم صلى الله عليه وسلم، من أقدم الملاحم العربية.


أمّا في العصر الحديث فقد سطع نجم الشاعر اللبناني بولس سلامة بملحمته الإسلامية «عيد الغدير»، كما اشتهر محمد سنباطي بـ «الإلياذة الإسلامية»، وعُرف عزيز أباظة بـ «إشراقات السيرة الذاتية»، ويُعدُّ «ديوان مجد الإسلام» أو «الإلياذة الإسلامية» للشاعر المصري الكبير «أحمد محرم» من أشهر هذه الملاحم العربية، كما تُعدُّ ملحمة أمير الشعراء أحمد شوقي الرائعة: «دول العرب وعظماء الإسلام» في نحو 2000 بيتٍ أيقونةً بارزةً في تاريخ الأدب العربي ودرة الشعر والأدب.

إنّ لكل أدب خصائصه وسماته، ولقد امتازت الملاحم العربية والفارسية والأردية بطابعٍ خاصٍّ دون عن غيرها من الملاحم العالمية.