الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تحت شجرة الكون

كان إسحاق نيوتن طالباً شاباً في جامعة كيمبردج حين هرب إلى قرية تبعد حوالي 100 كيلومتر من لندن، ليتجنب عدوى الطاعون الذي تفشى في المدينة، وهناك، في تلك القرية، سقطت التفاحة على رأسه فتغير معها فهم البشرية لعلاقتها بالكون الذي تعيش فيه.

ليس لدينا دليل أكيد على سقوط التفاحة، ولكن كُتَّاب سيرته يقولون: بالفعل كانت هناك شجرة تفاح قريبة من البيت الذي لجأ إليه نيوتن في آخر أيامه، حيث تحدث عن شجرة تفاح يتدلى منها غصن تثقله إحدى الثمرات، وعن القمر الذي كان يرتفع فوقها، وأنه تأمَّل هذا التشابه، وسبب عدم سقوطهما فولدت الجاذبية.

بغض النظر عن صدق القصة من عدمها، فإننا أصبحنا منذ ذلك التاريخ، نؤمن بالعلم ونُبجَّل العلماء، لأنهم نجحوا في إقناعنا في أن الحل بين أيديهم لفهم أسرار الطبيعة.

وبذلك التحول العميق في طريقة رؤيتنا للعالم، صرنا نطلق على الشعوب التي لم تنظر إلى الوجود بطريقتنا «البدائية»، أي غير عقلانية وغير منطقية، وأن تركيبتها الإدراكية متخلفة بالنسبة لنا، لكن علماء الأنثربولوجيا ـ أمثال ليفي شتراوس ومالينوفسكي ـ رفضوا هذا المنطق العنصري، وعدّوا الأساطير والسحر والممارسات ما قبل العلميَّة ممارسات عقلانية أيضاً، ولديها طريقتها في رؤية الوجود، وأن العلم طريقة واحدة من طرق فهم العالم.

ففي (غانا) مثلاً، حيث تعيش مجموعة من هذه القبائل وجد الأنثربولوجيون أن سكانها «البدائيين» صنَّفوا العالم بطريقة يصعب على الإنسان الحديث القيام بها، وتصنيف موجودات العالم هو أفضل الطرق لفهم وجودهم.

الغريب، أن مجموعات من القبائل البدائية في أستراليا وأمريكا وغيرهما، انقرضت بعد اختلاطها بالإنسان الحديث، الذي تفوق عليها بقوة العلم، وكان انقراضها بسبب أن هذا الأخير حمل إليها أنواعاً من الفيروسات لم تكن تعرفها في السابق، ولم تكتسب مناعة كافية ضدها.

إن تفاحة نيوتن كشفت لنا كيفية دوران الكواكب حول بعضها، لكن فيروساً مجهرياً حرمنا من رؤية السماء والنجوم والطبيعة والهواء وحول بعضنا إلى «قبائل بدائية».