السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

رعاية الإلهام

أيهما يولد أولاً، الفن أم الإلهام؟ ثم هل يتغذى الفن على الإلهام أو العكس؟.. نحن لا نعرف تماماً من أين تبدأ الحكاية، لكننا نعرف أن الفن لا يمكن أن يزدهر ويكبر بلا مثيرات ومحفزات.. قد تكون محفزات طبيعية من صنع الخالق، كطائر الرفراف البديع ذي الألوان الزاهية، أو مرج يزهو بكسوته الخضراء تحت سماءٍ صافية. أو قد يكون محفزاً صناعياً ككوب قهوة أو عمل فني أو أدبي جميل، لكن الجمال وحده لا يثير كوامن الإبداع بالطبع، إذ يمكن للقبح أن تكون حسناته في هذا الشأن فيكون مصدراً للإلهام.

وهذا يعني بالضرورة أنه لا مطلق في الأشياء. فلا يمكن لجميل أن يكون جميلاً على الدوام، ولا القبيح أن يكون كذلك، لكن يمكن للجميل والقبيح أن يمتزجا معاً وبدرجات متفاوتة في الأشياء والشخوص، وعليه قد نتساءل: كيف لنا أن نتعلم استغلال درجات الجمال والقبح هذه ـ التي لا مفر منها ـ كملهِمات تبني الذائقة الفنية وترتقي بالمجتمع؟

قد يكون من الأجدى أن نفكر في بناء الشخصية الفنية منذ الصغر، إذ نربي عيناً فاحصة تقدر التفاصيل وتستشعر المحيط برهافة الحس، ثم نمكن هذه الشخصية كي تبتكر كما يحلو لها أن تبتكر، ثم تتفاعل مع محيطها بكل التباين والتشابه، فنخلق مجتمعاً ذواقاً لا يتوجس من الغرابة، بل يخضعها لفحص موضوعي أساسه القيم الإنسانية والجمالية.


وهذا يعني أن نفتح المجال لأطفالنا للتساؤل والتحاور حول مفاهيم الفن والجمال وتعريضهم إلى موجات الإلهام الغزيرة حولنا فيقدروا قيمتها كعنصر جوهري في التكوين الوجودي للبشرية، التي لا يمكن أن تحيا بلا إلهام.