الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

من على حافة الحياة

«.. لقد وصل (فيرتر) إلى لحظة الإمساك الفعلي بأطراف الحقيقة، بعد تحول أحلامه إلى كوابيس في الواقع، فوضع حداً لحياته».. هكذا كتب شكسبير الأدب الألماني يوهان فون غوته، وهو يصف سبب انتحار البطلة في روايته آلام فيرتر.

ومثل فيرتر بطل غوته، قررت آنا كارنينا بطلة تولستوي أن تلقي بجسدها تحت عربات القطار، لتنهي حياتها في لحظة تردد هي الأشهر في الأدب العالمي بعد روميو وجوليت.

الانتحار ظاهرة اجتماعية قديمة، وهي ليست دائماً تحدث بسبب الفشل في الحب، فهناك انتحارات متنوعة ولأسباب مختلفة جداً.

فبين انتحار إرنست همنغواي وستيفان زفايج، حتى انتحار صبية بريطانية بسبب تجاهلها في وسائل التواصل الاجتماعي لا نستطيع أن نضع أيدينا على السبب المؤسف والحزين.

وكان عالم الاجتماع الأول إيميل دوركهايم أول من وضع هذه الظاهرة في مختبر التفسير الاجتماعي، وأفرد لها كتاباً، كما لم يتأخر سيجموند فرويد عن وضع تفسيره السيكولوجي لهذه الظاهرة.

في الفترة الأخيرة، أصبح خبر الانتحار أكثر انتشاراً، وصار مسألة تثير القلق، تحتاج إلى دراسات وبحوث محلية معمقة، فأغلب الأسباب التي نطلع عليها، لا تقول لنا إن ذلك أصبح بسبب الفشل العاطفي، وغياب الأمل في الحب فحسب.

اليوم، الناس ينهون حياتهم لأسباب لا تبدو لنا واضحة، لكن أغلب أسباب حالات الانتحار هي: حين لا يجد هذا الفرد من المجتمع وما حوله رعاية كافية وتفهماً حقيقياً لحاجاته، وعندما يعجز عن تخيل أي ضوء في ليل مستقبله، وحين تغيب تماماً ثقته بالإنسانية.

في المجتمع العربي، هناك عوامل عديدة لإشاعة اليأس، الذي يسبب الكآبة والعزلة والخوف من المجهول. ولعل عدم استقرار المنطقة هي أحد أهم أسبابه، ولكن إلى جانب ذلك لدينا بعض أسباب الأمل، وعلينا إشاعتها وتطويرها.

مجتمعنا لديه قابلية رائعة للتكافل والتضامن الإنساني، لذا علينا أن نستثمر هذه الروح في إعادة الثقة بالحياة يعني أن نمنع تكرار مأساة مدوية من هذا النوع، أن نربي التعاطف بيننا كعملة ملحة وأساسية يعني أن ننقذ أنفسنا من خطر السقوط من على حافة الحياة.