الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

اللغة والثقافة

اللغة الأم، أو اللغة الأصيلة، لكل شعب هي المحرّك الأول لثقافته ولصناعاته الثقافية، كما أنها هي الوسيلة الأولى للتعبير عن مشاعر وأحاسيس المجتمع، من خلال الآداب التي ينتجها المجتمع بواسطتها ودلالاتها المتنوعة.

فالشعر والقصة والرواية وغيرها من الأجناس الأدبية، إنما تُنتج بواسطة اللغة، من خلال تركيب الكلمات والجمل ضمن سياقات متعددة، التي تُصوّر الحالات والمشاهد والأحاسيس، بصور بلاغية من خلال جماليات اللغة.

أما اللغة الثانية الأجنبية التي يتعلمها الناس في كل بلد ليست ثقافة بحد ذاتها، لكنها مفتاح للثقافة ووسيلة للولوج إلى منبع ثقافي آخر والتعرف عليه، فكم من مُتْقِن للغة أخرى غير لغته، لكنه مُتخلِّف وله عقل مغلق مُقفَل بألف قفل.


حكمة جميلة قالها الأديب الراحل نجيب محفوظ حينما سُئل عن الذين يتفاخرون بالتحدث بلغة أجنبية، قال عندها: «تحدثك باللغة الإنجليزية مع شخص عربي مثلك، لا يدل إطلاقاً أنك إنسان مثقف، بل أنك إنسان جاهل لِلُغتك، ومحروم أيضاً من جمالها».


وتزعم نظرية سابير – ورف: «أن بنية اللغة التي يستعملها الفرد في العادة تؤثر في الطريقة التي يفكر بها ويتصرف تبعاً لها»، ولاحظ ورف: «أن الناطقين بالإنجليزية يعتقدون أن الزمن تسلسل خطّي لأحداث يدل عليها نسق يتكون من ماض وحاضر ومستقبل، مثل: جرى ويجري وسوف يجري، أو عدد صحيح من الأيام، 10 أيام مثلاً».

أما الأستاذة الجامعية الألمانية كلير كرامش، التي لها كتاب جميل بعنوان (اللغة والثقافة) فتقول: «إن اللغة نسق من العلامات نعدّه ذا قيمة ثقافية، لأن المتحدثين بها يعبّرون عن هويتهم وهوية الآخرين من خلال استخدامهم لها، فهم يرون أن استخدامهم للغتهم رمزٌ لهويتهم الاجتماعية، ومنع استخدامها رفضٌ لهويتهم الاجتماعية وثقافتهم، وعليه يمكننا القول: إن اللغة ترمز إلى واقع ثقافي».

يتكون الكتاب من 3 أجزاء و7 فصول، يبحث الكتاب في العلاقة الوطيدة بين اللغة والثقافة، وتقدم لنا الكاتبة كلير كرامش تعريفات لأهم المفاهيم مثل: السياق الاجتماعي، والأصالة الثقافية، وهي تستخدم نتائج الأبحاث المختلفة في مجالات اللسانيات وعلم الاجتماع والدراسات الثقافية.