السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

كم هو عظيم «المعلم»

«زمن كورونا ليس كقَبله وما سيكون بعده مختلف عما كان».. هذه العبارة لم تعد نبوءة، لقد صارت مشروعات يجري التخطيط لها، واستثماراً لما فرضه وباء كوفيد-19، في كثير من الاتجاهات والإجراءات في مختلف مناحي الحياة اليومية للبشر.

الوباء قفز بالأطباء إلى الواجهة، ووسمهم بعنوان «صف المواجهة الأول»، خلخل العملية التعليمية، وزاد من أعباء المعلمين، لكنه لم ينصفهم حقهم!

أثبت كوفيد-19، أن المدرسة جزء أصيل من النظام اليومي للبشرية كلها، وأن المعلم ليس مقدم خدمة فحسب، بل هو الضامن لحالة استقرار اجتماعي لا تعيها البشرية نفسها، فبمجرد أن تحوّل العالم للتعليم عن بعد، شعرت الأسر بورطة التعليم، حين تمثلوا دور المعلم (البديل) في المنزل، فليس سهلاً أن تكون معلماً، ومعلماً لكل المواد في الوقت ذاته.


وليس سهلاً أيضاً، أن تكون ناقلاً ومترجماً للتعليم الذي توفره المنصات التعليمية، كما أن وجود الأطفال في المنزل يعيق خروج الآباء إلى أعمالهم، فمن سيتولى ضبط الأطفال في المنزل أثناء الحصص الافتراضية؟ ومن سيتولى التصدي لأي خلل تقني قد يطرأ أثناء التعليم عن بعد؟ تعطل الحياة المدرسية للأطفال تسبب في تعطيل الحياة كاملة، أو تعثرها، أو سيرورتها في حالة قلق وكآبة.


والأضرار التي قد تنعكس على الطلبة لتركهم المدارس لا تقتصر على فقدانهم قدراً من المعارف، التي توفرها ميزة التفاعل في التعليم المباشر، ولكن خسائر النمو الشخصي والاجتماعي التي يُحرمون منها نتيجة انعزالهم ومنع اختلاطهم مع أقرانهم هي الأشد خطراً.

فالأطفال يتعلمون من خلال تشاركهم مع أصدقائهم أو منافستهم لبعضهم أو تحفيزهم ومساندتهم لبعضهم، كما أنهم يتعلمون القيم والذكاء الاجتماعي واللباقة وحل المشكلات عن طريق العلاقات التي يعقدونها في المدرسة، وتتوسع لخارجها، وتمتد لسنوات، بعضها قد يصير صداقة العمر.

اليوم يبدو الأطفال كأنهم داخل صندوق الدنيا، وحالة الانفصال والانفصام التي كنا نخشى عليهم منها بسبب مكوثهم الطويل خلف الأجهزة الذكية للتسلية، صارت التزاماً عملياً نفرضه عليهم، فكيف ستتطور شخصيات أبنائنا عن بعد؟

في اليوم العالمي للمعلم في زمن كورونا، اكتشفنا كم هو عظيم هذا المعلم، وكم هو خطير وفاعل دوره، وكم هو داعم لاستمرار الحياة على نحو طبيعي، واكتشفنا أيضاً كم نحن بحاجة للمدرسة.. تلك حقائق مسلَّم بها وجوهرية لكنها متضمنة في دورة الحياة اليومية، لذلك لم نثمّنها ونقدرها.. في هذا اليوم كل عام والمعلمون والتربويون بخير ورفعة، وكل عام ومدارسنا سالمة.