السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

التعليم.. وتقنيات الواقع المعزز

تقر جميع الدراسات والأبحاث، أن الخبرة العملية أهم من الشهادات العلمية، وهناك الكثير من الاتجاهات التي تنادي بإسقاط شرط حمل الشهادة الجامعية لمتقدمي الوظائف، شريطة أن يكونوا ذوي كفاءة ومهارة عالية بمتطلبات الوظيفة المتقدمين لها، وهناك خطوات فعلية لتبني مثل هذه الاتجاهات، حيث إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد وقع قبل أشهر على قرار يضمن لأصحاب المهارات الحصول على الوظائف في الحكومة الفيدرالية.

لعل السبب في وجود هذه المطالبات يكمن في ضعف المنظومات التعليمية، والتي غالباً ما تعتمد على الجانب النظري، وتتغافل عن أهمية الجانب العملي والتطبيقي، والذي يحتاجه سوق العمل فعليّاً، ولعل من أهم الأسباب التي تقف عائقاً أمام الجامعات والمعاهد للتركيز على التطبيق العملي هو ضعف الإمكانات، وعدم القدرة لبناء ورش ومختبرات تعليمية، وأيضاً صعوبة إرسال الطلاب للشركات والمؤسسات ليمارسوا التطبيق العملي.

التكنولوجيا الحديثة قد تحل الكثير من هذه الصعوبات، فتقنيات الواقع المعزز وأنظمتها المتطورة تستطيع أن تحاكي الكثير من بيئات العمل، فمثلاً نستطيع بناء واقع معزز لمحكمة، ويتم تدريب المحامين على كيفية المرافعة داخل المحاكم، ونستطيع بناء نظام يحاكي أكبر المصانع العالمية وإتاحة الفرصة أمام طلاب الهندسة ليطبقوا ما يدرسونه بشكل افتراضي، وأيضاً بمقدورنا بناء واقع معزز يحاكي محطات الفضاء الدولية ومراكز التدريب الحديثة، ليتم تدريب طلاب الدراسات المختصة بعلوم الفضاء، ليكونوا أقرب للفضاء وعلومه المتقدمة.

وأيضاً يمكننا استغلال هذه التكنولوجيا في تدريب الأطباء على أعقد العمليات الجراحية، وإشراكهم افتراضياً ليكونوا جزءاً من فرق غرف العمليات في جميع أنحاء العالم، بالإضافة لإمكانية استخدام هذه التقنية في تدريب الحرفيين عن طريق محاكاة كبريات المشاغل والورش الصناعية، وأيضاً نستطيع بناء استوديوهات وهمية ضخمة يتم تدريب الإعلاميين على كيفية تقديم البرامج التلفزيونية، وكيفية العمل داخل الاستوديوهات، وهناك الكثير من التطبيقات العملية، التي يمكننا أن نفتحها أمام طلابنا ليكونوا مستعدين لسوق العمل ومتطلباته.

هذه التكنولوجيا باتت اليوم منخفضة الكلفة، وستوفر على الجامعات والمعاهد أو حتى على المدارس الحرفية الكثير من الأموال، وتجعل من الخريجين أكثر كفاءة، وبهذا يصبح الخريج متسلحاً بالعلم النظري، وأيضاً متمرساً في الجانب العملي، ولذلك يجب على القطاع التعليمي أن يتبنى تقنيات الواقع المعزز، ليعمّق من فعالية التعليم ومخرجاته، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعليم تلبي التطلعات المستقبلية التي تحتاج إلى المهارة قبل كل شيء.