الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

القراءة.. والكاتب

قبل أيام قليلة كنت مشغولاً بكتابة مادة مكوّنة من حوالي ثلاثة آلاف كلمة، وهو عمل طويل نوعاً ما مقارنةً مع ما أكتبه من مقالات ومدوّنات، والتي لا تتجاوز في معظم الأحوال خمسمئة كلمة.

أثناء كتابتي العمل الأخير، انتابني شعور جميل، وحدَّثني صوتي الداخلي بأنني أستمتع بهذه اللحظات التي أكتب فيها، وغمرتني نشوة وحميمية تجاه القلم والكتابة.. تملّكني شعور بأنني أكتب بكل ثقة وأريحية ومتعة، وهو أمر نادر الحدوث، وهذا أجبرني على إعادة جدولة أولوياتي بين القراءة والكتابة.

تُرى هل يتوجّب على الكاتب أن يكون قارئاً بشكل كبير ليُصبح كاتباً ناجحاً يُشار إليه بالبنان؟.. هذا هو السؤال الذي يتردد على ألسنة المثقفين والكتّاب بشكل مستمر.


هناك فريق يعتقد بأن الكاتب الفذ هو ذلك الذي يقرأ باستمرار لأن ذلك يُساعده على التزوّد بالزاد المطللوب للكتابة من مفردات وأفكار ومشاعر، وفريق آخر يرى أن الكاتب الناجح ليس بالضرورة أن يكون قارئاً نهماً، إنما يكفيه ما يمتلكه من رصيد مقروء ليُصيغه بطريقته الإبداعية الخاصة به، وهذا يعني أن الكاتب المتميز لا يظهر بالكم القرائي الذي يمتلكه بل بالكيفية التي يتعامل بها مع ما يمتلكه.


كلتا النظريتين صحيحة، لكنني أتفق أكثر مع الرأي الذي يرى أن القراءة الكثيرة ليست ضرورة حتمية لخلق قلم متميّز.. فالفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه توقف عن القراءة منذ فترة مبكرة من حياته، وانفجر قلمه ليُخلّد أعماله العظيمة.

جميل ومهم أن يكون الكاتب قارئاً، لكن من المهم أيضاً أن يُمارس الكتابة باستمرار لصقلها وتشذيبها للارتقاء بمستواها.