السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الخصوصية الإلكترونية.. أمر محال

أثارت تحديثات الخصوصية الخاصة بتطبيق «واتساب» مخاوف الكثيرين، وذلك لكون شركة «فيسبوك»، وهي الشركة المالكة للتطبيق، تعتزم مشاركة بيانات المستخدمين مع تطبيقي فيسبوك وإنستغرام، وهذا التحديث الذي اعتبره البعض خطراً كبيراً لكون حياتنا ومحادثاتنا، صورنا وفيديوهاتنا، أسرارنا وذكرياتنا، أعمالنا ومخططاتنا، جميعها موجودة في تطبيق الواتساب، فنحن لا نخطو خطوة إلا نرسل اتجاهها وصورها وذكرياتها عبر الواتساب، وقبل أن تصلهم تصل لسيرفرات الشركة، ويمكن للشركة أن تعالج هذه البيانات وتستخدمها في سوق الإعلانات أو استخدامها في تقنيات برمجة الآلة أو لاستخدامها في العمليات الاستخباراتية والمخابراتية.

أنا هنا لا أشكك بمدى أمان تطبيق الواتساب وقدرته على حفظ بيانات مستخدميه، بقدر ما أوجه نظر صديقي القارئ للدوامة التي نعيش فيها في العالم الإلكتروني، وصراعاتنا مع الخصوصية والأمان في هذا العالم المخترق بشكل أو بآخر.

حياتنا أصبحت مرتبطة ارتباطاً كبيراً بتطبيقات المراسلة ومنصاتها، ونستخدم كل يوم العديد من هذه التطبيقات والخدمات، ومعظم هذه الخدمات نستخدمها دون مقابل، وقد تكون مشاركة بيانات المستخدمين، خصوصاً في الإعلانات، والتي تعد الدخل الرئيسي للعديد من المنصات الرقمية وتطبيقاتها، هي ضريبة الاستخدام المجاني لهذه المنصات، وهنا تكمن المشكلة في أننا نحتاج لهذه الخدمات في حياتنا اليومية وتساعدنا كثيراً في التواصل والاتصال، وبنفس الوقت بياناتنا مهددة بالاختراق وسوء الاستخدام.

وبالرجوع للواتساب، فما حصل من تغيير في سياسة الخصوصية، ورفض الكثيرين لهذه التحديثات، وقرارهم بحذف التطبيق والتوجه للمنصات والتطبيقات الأخرى، سيتلاشى يوماً بعد يوم، فهذا التطبيق تحديداً لا يمكن الاستغناء عنه لكونه منتشراً وموجوداً في أغلب هواتف المستخدمين، ما يسهل علينا استخدامه، فمجرد أن تريد مراسلة أي شخص ستتوجه للواتساب دون أدنى تفكير.

والسبب الآخر أنه يتوجب علينا النظر لما هو أبعد من هذه التحديثات، فشركة فيسبوك تمتلك 3 من أكبر منصات التواصل (فيسبوك وإنستغرام، وواتساب)، ومن المتوقع أن يتم استغلال بيانات المستخدمين ومشاركتها ضمن هذه المنصات الثلاث، خصوصاً أن الفيسبوك يريد أن يضمن للمعلنين وصول إعلانهم للشخص المهتم بمنتجاتهم.

ولهذا من يبحث عن الخصوصية في عالمنا الإلكتروني عليه أن يسأل نفسه كيف ستستفيد شركات التكنولوجيا من مستخدميها، مقابل هذه الخدمات، وإن وجدت أنها لا تحقق أي شيء مقابل خدماتها، فاعلم علم اليقين أن البيانات في خطر من استخدام وتحليل، أو أنها معروضة للبيع، فالوصول للخصوصية الإلكترونية أمر محال.