الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الأصنام «الرقمية»

منذ سنوات طفولتنا الأولى، ونحن نعلم أن العرب في الجاهلية كانوا يعبدون الأصنام، ونعلم أيضاً أن هناك فتاوى كثيرة تحرم صناعة الأصنام، ونصب التماثيل في الشوارع والميادين العامة.

ونتيجة لذلك، يلاحظ الكثير من السياح أن شوارعنا وميادينا العامة تخلو من التماثيل، ويتساءلون بينهم وبين أنفسهم: «هل تخلو هذه البلد من عظماء يستحقون أن تصنع لهم تماثيل تخلد ذكراهم ؟».

هذا السؤال سمعته أنا شخصياً من مستشار ألماني، التقيته قبل سنوات في رأس الخيمة، وكانت إجابتي «لدينا عظماء كُثر، لكن طريقتنا في تخليد ذكراهم مختلفة».


لست هنا بصدد مناقشة حكم صناعة التماثيل في الإسلام، أو حتى إبداء رأي في هذه المسألة.. بقدر ما أهدف إلى لفت نظر القارئ الكريم إلى ظهور شكل جديد من الأصنام، لا يقل خطورة على العقيدة من الأصنام الحجرية المعروفة.


والمفارقة المدهشة أن من يحاربون الأصنام القديمة بشراسة، هم أنفسهم من يصنعون الأصنام الجديدة، بل ويبالغون في تقديسها، والرفع من شأنها.

قبل أيام تعدَّى أحد الدعاة على دولة الإمارات بتصريحات مستفزة وغير مسؤولة، فهب الآلاف من المغردين الإماراتيين والعرب للرد عليه، وتفنيد كلامه، لكن المزعج في الأمر أن ثمة فئة ليست قليلة أيضاً كانت ترى أن هذا الداعية فوق مستوى النقد، وأن الاعتراض على كلامه هو اعتراض على الدين ذاته!.

هذا الغلو في تقديس الأشخاص، هو في حقيقته ( تصنيم ) أخطر من ( التصنيم ) الذي عرفه العرب في الجاهلية!.