الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«سيزان».. وذاكرة الفن

المُدن تؤرخ لمبدعيها في تفاصيل تبقى وإن رحلوا، وتحتفظ بمنازلهم كمتاحف يزورها السياح، وتعلق أعمالهم الإبداعية في أروقتها والأماكن التي يؤمها زوارها.

دمشق وبيروت وبغداد ظلت ترتل قصائد نزار قباني وتذكر به، عمّان تذكر بعبدالرحمن منيف كلما صافح عشاقها «مدن الملح»، الرياض تزيد عذوبتها ورقتها كلما رددت رائعة غازي القصيبي فيذهب عنها الضجر، وفي رائعة أحلام مستغانمي نعبر جسور قسنطينة وقناطرها، وتضع الجزائر في ذاكرة القارئ، فالكلمات والألوان مفاتيح عشق، وذكريات حب، ووطن للجمال.

بول سيزان ضيف مقالي هذا، دفعني للكتابة عنه حديث أصدقائي الفرنسيين عشاق الفن، الذين يعتبرونه أب الفن الحديث، كما صنفه نقَّاد فنيُّون.. سيزان برع في رسم الطبيعة في الهواء الطلق، وما أجملها هناك تسوّرها جبال الألب المكسوة بالأخضر معظم أيام السنة ثم بالأبيض شتاء، وهو كما يقول ميشيل فيرنو الذي يعيش في مدينة نيس في الريفيرا الفرنسية، وهو يتابع بشغف كل ما كتب عن سيزان وكل آثاره وأعماله في المنطقة: «في كل مرة كان يقابَل سيزان بالنقد ورفض لوحاته من المعارض والنقاد كان يبدأ بتغيير مساره الفني، ويبحث عن طرق مبتكرة في الفن، لذلك كان ما واجهه دافعاً لتأثيره بظهور المدرستين التكعيبية والتجريدية.


ميشيل المهندس المعماري الذي يقتني لوحات لفنانين مشهورين، اعتبرها جزءاً من تأثيث منزله، وتعد من المدرسة ذاتها التي ينتمي إليها سيزان، اطلعنا على الكثير من الأماكن الفرنسية التي مرّ بها سيزان وسكن فيها، وظلت ذاكرة حية حتى بعد رحيله عن العالم.


وبالنسبة لي، فإني أتوقُ لتأثيث منازلنا بلوحات فنانين عرب، انتصاراً للفن والجمال.