السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«الفيسبوك».. والشعور بالوحدة

هناك عدد من النصائح الإرشادية، التي أقرأها بشكل دائم بعد انتشار حلقات التدريب الخاصة بالتنمية البشرية، منها: إذا أرت التخلص من الوحدة فعليك مثلاً تعلُّم رقصة جديدة، أو البكاء كحل مثالي، أو مشاهدة المسلسل الكوميدي الأمريكي (الأصدقاء)، والكثير من الحلول الأخرى التي تعمل على إقناعنا بأن ما يحيط بنا من مشكلات حلُّها يسير.

في ضوء ذلك نبَّهني صديق إلى نصيحة أخرى، وهي ضرورة الابتعاد عن الفيسبوك عند شعورنا بالوحدة، لكن، هل الابتعاد عن ذلك العالم الافتراضي الأزرق، والسعي للاندماج بالعالم الحقيقي أفضل علاج؟

وبعد البحث عن هذه العلاقة، وجدت دراسة عنوانها (الصداقة الافتراضية تحت المجهر)، خلصت إلى أن وجود مئات الأصدقاء لأي شخص على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الفيسبوك، لا يغني عن ضرورة وجود أصدقاء مقربين في الحياة الواقعية. ورغم كل ذلك لا يمكن إنكار أن العالم اليوم أصبح قرية عالمية صغيرة، في اعتقادي أن الصداقة الافتراضية ينقصها الكثير من الحميمية والمودة التي تصلنا عندما نجتمع مع الأصدقاء.


صحيح أن الوقت الراهن فرض علينا (التباعد الاجتماعي)، وهو الذي عمق رغبتي في ضرورة لقاء الأصدقاء والتمني بحضور حفلة موسيقية أو مشاهدة فيلم سينمائي في دار العرض، في زمن الوباء، حيث لا بد من الحذر، بارتداء الكمامة التي تشعرني بالاختناق وعدم وضوح الرؤية أمامي.


ويشير كتاب (العيش كصورة... كيف يجعلنا الفيسبوك أكثر تعاسة؟) للمؤلف طوني صبغيني، إلى: أن الفيسبوك جمع الناس في مكان واحد، لكنه جعلهم معزولين عن بعضهم البعض.

كما أنه أحد المساهمين الرئيسيين في تعاسة الفرد، وذلك لأنه يعزز كثيراً من السلبية النفسية مثل تضاعف مشاعر الغيرة، التوتر، الوحدة، والاكتئاب، وأن مغادرته قد تجعلنا أكثر سعادة، ولكن الكاتب عاد ليقول: أصبح الخروج منه، كالخروج من المدينة إلى قرية نائية.

لا أحب أن يفهم من المقال أنني ضد (الفيسبوك)، الذي فتح العالم على مصراعيه أمام الجميع، وقرَّب المسافات البعيدة، ومكنني من التواصل فيما يخص عملي مع شخصيات كثيرة اجتماعية وأدبية وسياسية من خلال صفحاتهم وما ينشر فيها من جديد أعمالهم، لكنه في الوقت ذاته عمق شعوري بالوحدة.. هنا لا بد أن أذكّر بما قاله ألبرت أينشتاين: «لقد أصبح من الواضح جداً أن تكنولوجيتنا قد تخطت إنسانيتنا».