السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

كمّموا تلك المنابر الإعلامية

لا أتحدث هنا عن كوفيد، فما أنا بصدد طرحه أكثر فتكاً من الطاعون الفيروسي.. تخيّلوا إخوتي الكرام لو أراد أحدنا إهداء فلذة كبده حاسوباً، فأول ما يعرض عليه مندوب المبيعات وبإلحاح الناصح الأمين ضرورة شراء نظام حماية عبارة عن برنامج مضاد للفيروسات، بعض هـذه التطبيقات يحمّلها على الفور قبل مغادرة المتجر، والبعض الآخر واجب التحميل كل عام!

لقد حفل الأسبوع الماضي بمناسبات وأحداث كبيرة وجسيمة، بعضها مفرح يدعو إلى التفاؤل، ومعظمها للأسف يحزن ويبعث على القلق، من بين تلك الأحداث، الزيارة البابوية المفعمة بالأمل والمحبة والسلام إلى عراقنا الحبيب السليب.

في المقابل، كانت ثمة أحداث مؤسفة كاعتداءات الحوثيين الإرهابية على السعودية، واعتداء بسكين قام به لاجئ من أفغانستان بحق عدد ممن آووه في السويد، اللافت هو عثور فرق مكافحة الإرهاب على كتيبات لا تزال تدرس وتزاحم بسطات كتب الشوارع إلى جانب كتب متخصصة في تفسير الأحلام وفكّ السحر!، ولم تفاجئني - وقد أمضيت ثلاثة عقود من عمري في بريطانيا وأمريكا - اعترافات المحققين بأن الإرهابي معروف لديهم بسجل إجرامي يشمل الاتجار بالمخدرات والسطو المسلح.


ألا ليت هذا الهوس الذي خيّم على العالم منذ أول إصابة كوفيد 19، قد شمل شيئاً من تطبيق نظام التكميم والتطعيم لمحاربة طاعون الجهل والكراهية والإرهاب.


فحتى الزيارة البابوية التي أفرحت قلب كل مؤمن وبخاصة نحن أبناء إبراهيم، لم تخل من الاستهداف بوابل من التعليقات المشينة التي بلغت على شاشة إحدى القنوات الناطقة بالعربية والأوسع انتشاراً في الوطن والمهجر، التلفظ بما يكشف عمق المشكلة واتساعها جراء السكوت عن تنظيمات شيطانية كـ«الإخوان» أمُّ الحركات الإرهابية «المتأسلمة» في العالم.

في تجربة مهنيَّة سابقة حول كيفية التعامل مع إساءة استخدام البعض لحرية التعبير، أحزنني استسلام القائمين على بعض المنابر الإعلامية التقليدية والجديدة (منصات التواصل الاجتماعي)، استسلامهم للمسيئين المحرضين بدعوى احترام حرية التعبير وإن أساءوا، وعذر آخر أقبح من ذنب وهو استحالة ضبط ما يصدر من إساءات، اكتفى بعضهم بالتنويه بعدم تحمّل تلك المنابر مسؤولية ما يبثُّ على شاشاتها وصفحات مواقعها من تعليقات.

لكن يا سبحان الله، ما أن احتدمت معركة الرئاسة في أمريكا حتى شهدنا نفاق كهنة هيكل الصحافة ــ التي لم تكن يوماً حرة ــ حيث اتَّضح تواطؤ تلك المنصات مع أبواق إعلامية لطالما كانت تعيّر وتنظّر على «العالم الثالث».. كمّموها يرحمنا وإياكم الله.