السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«الصحافة الثقافية».. الواقع والمصير

لا يمكن اليوم إنكار الوضع الصعب الذي تمر به الصحافة الثقافية (صحف ومجلات وملاحق)، إذا بدأت مساحتها تتقلَّص إلى أن توقفت منابر مهمة وذات تجربة طويلة في العمل الثقافي.

وما أدى إلى كل ذلك هو أن صفحات الثقافة أكثر الصفحات عرضة للحذف والتأجيل، وأنها لا تهم القارئ، وما يُصرف عليها مادياً يمكن أن تستفيد منه الصفحات الأخرى، كالصفحة الرياضية التي لديها قراء كثر، وبالتالي تحقق نسبة من المبيعات.

ففي ليبيا مثلاً، حيث النزاع المسلح والفوضى، يعتبر التفكير في إصدار ملحق ثقافي نوعاً من التَّرف أو بمعنى أدق «ليس وقته» هذه العبارة التي يرددها الكثير.


قد أكون من بين الأشخاص الذين لم نلتفت لمن يعتبرون الثقافة من الترف في أوقات الحروب والأزمات، ففي عام 2011، أصدرت جريدة «الرِّواية» ـ مهتمة بالشأن الروائي، وقليل جدّاً مَن قدّم الدعم بالكتابة في غياب مكافأة.


استمررت في الإنجاز من أسبوعي ثم شهري بواقع ثماني صفحات، تحملت كل تكاليف الطباعة بمفردي، أجهز العدد بأكمله، لإيماني العميق والكبير بأن الأدب والفن والسينما والمسرح والشعر والقصة والرواية والفن التشكيلي والفوتوغرافي هي من تصنع الشعوب وليس السياسة، وتوقفت «الرواية» بعد ثلاثين عدداً لأنها افتقدت الدعم المالي.

هذا حال الصحافة الثقافية في وطننا العربي، فحين تكون هناك إعلانات تجارية، بكل سهولة يتم إيقاف صفحات الثقافة، أما الملاحق الثقافية فإنها تعتبر الحلقة الأضعف، ربما لأنها نخبوية، وإن كان البعض يرفض كلمة «نخبوية» انطلاقاً من أن هناك من يراها كشيء يستخدم للزينة يمكن الاستغناء عنها متى يريد.

الصفحات الثقافية، هي الضحية دائماً عندما يتعلق الأمر بتقليص عدد الصفحات لأسباب تتعلق بالكلفة المالية أو بسبب مناسبة ما في البلاد، وهناك من يرى أن صوت المحرر الثقافي ربما لا يكون مسموعاً.

يوجه البعض الاتهام للصفحات والملاحق الثقافية لأنها تعنى بالأدب والنقد، ما يجعل قارئاً غير مهتم بالأدب والنقد ينصرف عنها، وحصر مفهوم الثقافة في هذين الاتجاهين يعدّ من المشكلات التي تواجه هذه الثقافة على مستوى القراء.

وهنا نسأل: هل هناك انعكاس للحراك الثقافي والأدبي على الصحافة الثقافية؟.. الإجابة: نعم، لكن ذلك يتطلب العديد من الإمكانيات المادية والبشرية وهذه الأشياء للأسف لا تُمْنح للثقافة.