الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الصحفيَّات.. والعنف الافتراضي

نشرت منظمة اليُونسكو خلال مايو الجاري نتائج دراسة استقصائية حول العنف على الإنترنت ضد الصحفيات، والتدابير الفعالة لمكافحته، وتظهر الدراسة تعرض 3 من كل 4 صحفيّات إلى أحد أشكال العنف الافتراضي.

تتضمن الدراسة تحليلاً لقرابة 2.5 مليون منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، واستطلاعاً شمل 900 صحفية في 125 دولة، وأكثر من 170 مقابلة، وقد أكدت أكثر من 40% من الصحفيات اللاتي شملهن الاستطلاع أنهن تعرضن لحملات استهداف منظمة عبر الإنترنت.

أذكر في هذا الصدد تعرضي لهذا العنف الافتراضي، عندما وصلتني رسالة عبر تطبيق فيسبوك تأمرني بلهجة عنيفة، أن أزيل صورتي من البروفايل، بحجة أن الشخص صاحب الرسالة ينتمي لنفس لقب عائلتي، وبالتالي اعتبرني قريبته، وليس من تقاليد العائلة أن تضع النساء صورهن، إلى جانب ذلك يجب أن أترك العمل لأنه مختلط بالرجال، وأنه يمكن أن يصل إلى بيتي ويعاقبني إذا لم أسمع كلامه.. في تلك الليلة شعرت بالخوف، فقمت بحظره وكل الأشخاص المشتركين بيننا.


أيضاً في فبراير 2011، علّق أحد الأشخاص على تقرير منشور لي في أحد المواقع الإلكترونية، مطالباً بمعاقبتي فقط لأني شاركت في عدة مهرجانات شعرية خارج ليبيا، وإن هذه المشاركة تعني من وجهة نظره أنني قريبة من النظام الحاكم، مثل هذا التعليق في تلك الفترة كان من الممكن أن يودي بحياتي.


أعتقد أن الأمر يحتاج إلى سَن قوانين جديدة توازن بين الحق في حرية التعبير، وبين تدابير المساءلة والشفافية لضمان تطبيق إجراءات الحماية، ومطالبة منصات التواصل الاجتماعي بحذف أو تقييد المحتوى الذي يحرض على العنف والكراهية.

في الوقت ذاته يرى المشرفون على الدراسة المشار إليها أعلاه أن شركات التكنولوجيا التي تختبئ وراء حرية التعبير لا تزال ترفض اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لحماية الصحفيّات، وهو ما يسهم في تقويض حرية الصحافة والديمقراطية في جميع أنحاء العالم.

ولفت انتباهي من خلال نتائج هذه الدراسة أن الصحفيات اللواتي يكتبن تقارير مرتبطة بالنوع الاجتماعي ويتطرقن لقضايا مثل العنف المنزلي، تزداد الهجمات التي يتعرّضن لها بشكل أكبر، وعلينا أن نتخيل ما تتركه هذه الممارسات من الأذى النفسي، والضرر المهني، والعنف الجسدي أحياناً، كذلك تدفع هذه الممارسات بعض الصحفيات إلى التخلي عن مجال عملهن لحماية أنفسهن.