الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التبعـيّة الثـقـافـيّة

واحدة من إشكاليات الثقافة في العالم العربي هي مسألة التبعية الثقافية للآخر، وهي نتاج لعدة عوامل، أبرزها: حالة الجمود، والإنغلاق الثقافي، وسرعة التغيرات المادية التي تمت في زمن قياسي لا يتجاوز جيلاً أو جيلين دون تغييرات ‏ثقافية تجاريها.

وكل ذلك أوجد فراغاً ثقافياً دفع العديدين للتماهي مع الثقافات الأخرى، وبرز مع هذا التماهي مشكلة أخرى، هي: عدم التركيز على الجوانب الثقافية الرصينة، وأساليب التطور الإبداعي والعلمي والفكري والثقافي، بل انصبّ على الأمور والمواضيع الشكلية، كالموضة والاستهلاك، والظواهر السطحية، وغيرها.

وهناك أسباب تدفع لذلك، أبرزها: غياب الإنتاج الاقتصادي الصناعي في مجتمعاتنا، والذي يحفز العقل، ويفرض تطوراً علميّاً وثقافيّاً، ودفع ذلك إلى تفشي الاستهلاك والاهتمامات الشكلية.


والثقافة، كما هو معروف، نتاج لواقعها بمختلف عناصره، وهذا يعني أن الاختلاف ‏في طبيعة الواقع لا يسمح بنقل القيم الرصينة، وذات الأثر الجوهري في الثقافة إلى واقع من الصعب أن تعمل به. وهناك مسألة مهمة ظلت غائبة عن الكثيرين، هي فهم ماذا يعني التحول من واقع إلى آخر؟ وما هي متطلبات عملية التحديث بشقيه المادي والثقافي؟ البعض يبحث عن ثقافة جاهزة ‏يمكن أن يتبناها، وهذا غير صحيح، لأن الثقافة نتاج عملية التغيير بحاجة إلى من يصيغ قيمها ومفاهيمها وطرق تفكيرها، وتكيفها مع الواقع الجديد.


لقد كان من المفترض قيام المثقفين العرب بهذا الدور، لكن أغلبيتهم ‏الساحقة أسهمت في تكريس التبعية الثقافية عبر تبنيهم لنماذج ثقافة وأيديولوجيات الآخر، دون تحليل، أو إعمال للعقل، وبدون فهم حقيقي لواقعهم، ‏ومتطلبات تحديثه الفعلية.