الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«مرعي».. الحزن يسكن الجميع في ليبيا

لم أتوقّف منذ أيام عن التفكير في الطفل «مرعي»، الذي لم يتجاوز الأربع سنوات، ذي الملامح الجميلة، الخاطفة للقلب منذ النظرة الأولى.

مرعي، الذي قرأت قصة موته بلدغة العقرب، في إحدى المواقع الإخبارية، هو كغيره من أطفال الجنوب الليبي الذين يموتون في ظل عدم توفر الأمصال الخاصة بلدغات العقارب.

روى جدهُ الحكاية، وكيف أن والده ظل يجوب به شوارع المدينة ثلاث ساعات بحثاً عن المصل، الذي لم يكن متوفراً في المركز الطبي العام في مدينة سبها، لتبدأ رحلة البحث عنه في الصيدليات، وبعد أن تمكن سمّ العقرب من ذلك الجسد الصغير وجد والده المصل، ولكن روح مرعي انتقلت لبارئها، وعلينا أن نتخيل بقية المشهد، وما يشعر به والداه الآن؟ ربما الكتابة في هذه الزاوية هي ما أستطيع فعله، وأنا عاجزة عن مد يد المساعدة للآخرين في محنتهم، ما يجمعنا في هذا البلد هو الحزن فقط.


قصة هذا الطفل المؤلمة، جعلتني أبحث وأقرأ أكثر حول الموضوع، لأكتشف أن الجنوب الليبي يحتاج إلى (14 ألف) حقنة من المصل الواقي من لدغات العقارب والأفاعي، لتغطية فترات الذروة في فصل الصيف نظراً للطبيعة الصحراوية للإقليم، وارتفاع درجات الحرارة.


إن جهاز الإمداد الطبي التابع لوزارة الصحة وفر ألف حقنة فقط في شهر مارس الماضي، وللأسف نفدت جميعها قبل حلول فصل الصيف، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية، بحسب الأطباء.

في ليبيا يوجد أكثر من (27) نوعاً من العقارب، معظمها لدغها سام، وقد يكون قاتلاً في حدود الـ(24) ساعة، حيث تنتشر العقارب في المنطقة الجنوبية، تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، خاصة في شهر أغسطس، حيث تتزايد الإصابات بين الأطفال، وهذا السم الذي يتوغل في الجهاز العصبي يسبب العمى وشلل الأعصاب والموت.

هذه الكارثة الإنسانية هي ما دفعت بعض نشطاء المجتمع المدني مطالبة مكتب المدعي العام بضرورة فتح تحقيق في كل المراكز الطبية في جميع أنحاء ليبيا، خاصة أن هذه الأمصال متوفرة في الصيدليات فقط وبأسعار مرتفعة، وأن هذا الموت المتكرر اليومي لعدد من (8 ـ 10 أشخاص)، يستلزم وقفة جادة من الجميع لمعرفة أماكن الخلل. هذا الموت اعتبره الكثير مؤشراً خطيراً، وقد يرتقي للشُبهة الجنائية أو السلوك الإجرامي المُعاقب عليه.