الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لوحات «عبدالقادر بدر».. غياب الإنسان

في لوحات التشكيلي الليبي عبدالقادر بدر التجريدية تقاطعات وكائنات وتأثيرات لونية، تضع المتلقي أمام خيارات كثيرة من التذوق الجمالي، والتأمل في زوايا العمل بخطوطه وألوانه وتعرجاته.

واللافت في هذه اللوحات غياب الإنسان، في حين تحضُر أشياؤه، وكذلك مشاعره، أفراحه وأحزانه وهمومه، فالتجريد يمنحه الحرية في التعبير والخروج عن المألوف والقدرة على ترجمة الأفكار والعواطف والأحاسيس والمشاعر إلى أشكال فنية.

يستمدُّ الفنان عبدالقادر بدر أفكار لوحاته من خلال اهتمامه بالعمارة القديمة في ليبيا وشمال أفريقيا والمغرب العربي عموماً.


لقد أبهرته العمارة الإسلامية وزخارفها المميزة، وهي التي تظهر قدرتها على التفرد والإبداع والقيم الجمالية الأصيلة لتراثنا البصري والمعماري، من قلاع ومبانٍ ومساجد وأقواس وأبواب، ومن جمال الطبيعة المتوسطية، ومن سطوع ألوانها التي أثرت في مخيلته، واستلهم منها الكثير من لوحاته التجريدية والتكعيبية.


تعجُّ لوحات عبدالقادر بدر بالدلالات الرمزية وفق تكوينات جزئية مترابطة، ففي مجموع التكوين الكلي مما يشكل إسقاطاً ما، إذ هناك بشر تحيط بهم أسماك، قوارب، بحر وغيوم.

يؤمن عبدالقادر بدر بأن الفنان يمتلك بطبعه الإحساس بقوة الأشياء وحالات التعبير عن نفسه، والأثر الفني قيمته تكمن في عناصره وارتباطها بالرموز والدلالات.

والفن التشكيلي، من خط ورسم وتصوير، وسيلة للتوثيق كموروث ثقافي، وهو أيضاً أسلوب من أساليب المحافظة على الهوية الثقافية وحفظ التراث وتوثيقه والاهتمام به، والإضافة عليه وليس تقليده، فلا يمكن حفظ القديم دون تجديده، وعلى الفنان مسؤولية نشر الوعي، وتذوّق العمل الفني، وإيجاد تواصل مع المتلقي لفهم العمل الفني.

ويشير عبدالقادر بدر إلى: أن للمكان خصوصية تؤثر في اختيار موضوع لوحاته، فالعمارة والمباني القديمة وآثار الزمن على الجدران والأبواب والشوارع والأحياء القديمة التي عاش فيها آباؤه وأجداده، والأحداث التي مرّوا بها وأسلوب حياتهم، كل ذلك يشغل حيّزاً كبيراً في أعماله.

لوحاته بمثابة حكايات وقصص لا تنتهي من عمل فني إلى آخر، وهي مرتبطة ببعضها البعض في العديد من الأحيان.

ويرى الفنان عبدالقادر بدر أن أعماله التجريدية ليست هروباً من الواقع، بل هي جوهره، مؤكداً أن الفن التشكيلي التجريدي هو نتاج فهم عميق وجوهري للواقع بكل مكوناته ورموزه، وإعادة صياغتها بأسلوب يلامس الروح والقلب.