الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الثقافة العربية وفوضى الانقسامات

في وقت يعاني فيه العالم العربي حالة من الفوضي السياسية والخلافات الدينية، تبدو أحوال المثقفين العرب في قمة الانقسامات، ما بين السياسة والدين والهروب من الواقع.. لقد قسمت السياسة الشعوب العربية ما بين حروب أهلية تعاني منها بعض الدول وخلافات في الآراء والمواقف والمصالح.

إن البعض يتساءل الآن: أين النخبة العربية، أين مثقفو العراق وليبيا واليمن والسودان وسوريا لا أحد يبدو في المشهد الآن؟

لا تستطيع أن تجد نخبة من المثقفين العرب تجتمع في عاصمة عربية، لقد تشردت الأسماء واختفت بلادها وأصبح من الصعب أن تجمع هذه النخب مع بعضها.


لقد فرقتنا السياسة في يوم من الأيام، ما بين يمين ويسار ورجعي وتقدمي وديني ولا ديني، والآن نعيش مأساة أكبر وصلت بنا إلى خلافات وصراعات سياسية ودينية، بل وصلت إلى حروب أهلية في أكثر من دولة بين أكثر من فصيل.


لم تعد الصراعات خلافات فكر ومواقف ولكنها تحولت إلى دماء ومعارك تحت راية دين واحد، لأن الجميع يرفع راية الإسلام حتى أن البعض الآن يقتل باسمه!

أين مواكب النخبة التي كانت تُوحد القلوب وتكشف الحقائق وتدير الحوار؟، أين علماء الدين الذين وحدوا الشعوب على الإيمان والهداية وكانوا دعاة للعدل والفضيلة؟ أين كل هذه العقول المستنيرة التي خلقت فكراً واعياً وإيماناً حقيقياً؟

كيف وصل الحوار حول قضايا إصلاح الخطاب إلى هذه الحالة من الفوضى والتخبط، أين دعاة الفكر المستنير الذين وقفوا خلف مواكب التقدم؟ أين حراس اللغة العربية الذين تركوها تتخبط بين الجهل والتخلف؟

إن هذه الظواهر وحالة الفوضى والانقسام بين المثقفين العرب، قد وصلت بهم إلى حالة من الغياب والفوضى والتشتت، انعكست على أحوال شعوبهم والتي وصلت إلى صراعات دامية، ومزقت شمل الأمة ولم تعد هناك مرجعيات لأي شيء ديناً وفكراً وسياسة، وعلى امتداد الأفق تطل جماعات وطوائف تمارس القتل والإرهاب باسم الدين، وأمام غياب النخبة الثقافية العربية وتخليها عن دورها ومسؤوليتها اختلت موازين الأشياء وشجع على ذلك غياب الوعي، والجهل والتخلف.

منذ زمن بعيد لم تشهد العواصم العربية مؤتمراً ثقافياً تحت أي شعار، حتى الجامعات العربية والمؤسسات الدينية تخلت عن دورها في نشر الوعي والفكر المستنير بين شعوب دمرها التخلف والجهل والضلال.

إنني أشاهد المشهد وأشعر بحزن شديد وأنا أبحث عن نخبة المثقفين العرب، وهم يشاركون في معارك وصراعات، بل إن بعضهم حمل السلاح وشارك في معارك خاسرة!