الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

24 ساعة دون تواصل رقمي

تكررت حوادث انقطاع بعض وسائل التواصل الاجتماعي عن العمل لساعات طويلة، ما يساعدنا على التأمل أكثر في ظاهرة التواصل الرقمي من حيث طبيعتها وامتداداتها في كافة مناحي حياتنا وآثارها على الفرد والمجتمع. ويصبح الموضوع أكثر جدلاً حين تتعطل أكثر من وسيلة تواصل أو حين تضرب مشكلة شبكة الإنترنت وينقطع التواصل الرقمي تماماً لساعات طويلة.

بعد جلاء المشكلة التقنية أو الفنية التي تسببت في تعطل التواصل الرقمي، يلفت الانتباه كثرة الشكاوى والتذمر من مشكلة الانقطاعات. يعبر البعض عن ضيقهم من انقطاع تطبيقهم المفضل الذي يقضون فيه ساعات طويلة، ويعبرون عن عدم شعورهم بالمتعة لمتابعة التواصل عبر تطبيق آخر، في حين يخرج البعض ليسخر من ذلك التطبيق وسعادته للانتماء لتطبيق قليل التضرر بالمشكلات التقنية.

لقد بدأت التطبيقات تشكل جمهورها المتحمس لها تماماً مثل جماهير فرق كرة القدم، أو جماهير هواتف الآيفون والغلاكسي، وكانت حالة التحزب واضحة حين اشتد الهجوم على برنامج التيك توك وطالبت عدة جهات بإغلاقه، حينها ظهر (شعب) التيك توك بكل جسارة ليدافع عن تطبيقه ويصر على بقائه!


حالة الاندماج مع التطبيق ومتابعة شخصياته وأبطاله صارت جزءاً من البرنامج اليومي لفئة ليست قليلة من الناس. يتضح ذلك من تفاعلهم وكثرة تعليقاتهم على مشاهير السوشيال ميديا. كانت الفضائيات أول من روج للتعايش اليومي مع مجموعة من الشخصيات في برامج الواقع، ثم تفرعت وأصبحت أكثر جاذبية مع السناب شات والإنستغرام. وتلك ظاهرة تستحق أن تدرس نفسياً، حول آلية الانخراط السيكولوجي مع حياة الآخرين والارتباط بتفاصيلها. وهل يتحول شيئاً فشيئاً إلى انفصال عن الواقع والانجراف خلف حياة الآخرين غير الواقعية؟ وما المتعة؟ وما الفائدة التي يجنيها المتابع الدائم ليوميات الآخرين؟


بعض حالات التذمر من تعطل التطبيقات التي يجب الاهتمام بها هي شكاوى بعض المستفيدين اقتصادياً من تلك التطبيقات، الذين يعرضون بضاعتهم ومنتجاتهم، ويتلقون الحجوزات عبر تلك المنصات وخصوصاً برنامج الواتساب والإنستغرام، هم أكثر من يوجعهم أي انقطاع لأن المسألة لن تتعلق بالمتعة والتسلية بقدر ما ترتبط بالربح والخسارة الاقتصادية.

من تجربتي الشخصية، فإني أشعر بالضيق من التعطل المتكرر لحسابي على برنامج تويتر. أشعر بانفصال عن العالم. اعتدت أن أحرك أصابعي تلقائياً عندما أجد فرصة سانحة لتصفح الحسابات الإخبارية والثقافية. ولم أجد بديلاً عنه في سرعته واختصاره وإمكاناته المتعددة. فهل أدمنا مواقع التواصل الرقمي؟ أم أنها صارت جزءاً من دورة حياتنا الطبيعية والموضوعية؟