الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

كيف تكون مسؤولاً؟!

كيف تكون مسؤولاً؟ عندما تقرأ هذا السؤال فإنه من الطبيعي أن تفكر بطريقتين مختلفتين، هل المقصود ما الذي يتحتم عليّ فعله لأصبح مسؤولاً كبيراً؟ أم ما هو المطلوب من المسؤول ليكون أهلاً للمنصب والمسؤولية؟ وإن كان يرى البعض اختلافاً بينهما إلا أني أجد أنهما في واقع الأمر يحملان نفس المعنى.

هناك من يتبوأ المنصب فيتوهم أنه الآمر والناهي بأمر الله، يتعامل بفوقية ولا يقبل إلا رأيه، يمارس الدكتاتورية والبيروقراطية بأبشع صورها معتقداً أن المسؤولية تعني أنه يحق لنفسه ما لا يحق لغيره، يحيط نفسه بمجموعة من «المطبلين» الذين ينفخونه ليل نهار، وعندما يكون مسؤولاً عن جهة خدمية فإنه يسعى للتضييق على المتعاملين، يسن القوانين الغريبة والعجيبة، ويستمتع بأن يعطل مصالحهم ليثبت أن الحل دائماً بيده، وغالباً ما تكون الجهة المسؤول عنها من نوع (الرجل السوبر)، فلا يصرح في وسائل الإعلام غيره، ولا تنشر في الصحف إلا صورته، ولا يقوم بدور البطولة إلا هو وحده.

الذي يفتح أبوابه للموظفين، ويعرف كيف يكسب محيطه دون تملق، ويطبق القانون أحياناً، وروح القانون في أحيانٍ أخرى، هو من يستطيع قيادة الرجال

على الجانب الآخر، هناك نوع مختلف من المسؤولين، يفتح أبوابه للموظفين والمراجعين، يعرف كيف يكسب من يحيط به بدون تزلف أو تملق، يتعامل بشفافية مع الصغير والكبير، يطبق القانون أحياناً، وروح القانون في أحيانٍ أخرى، يشاركهم في الأفراح والأحزان ويشعرهم بأجواء الأسرة الواحدة، يستطيع قيادة الرجال فتصبح بيئة العمل مناسبة لمزيد من الإنتاجية والنجاح وتحقيق الأهداف المرسومة لهذه الجهة.

عندما يتحلى الموظف العادي بمثل هذه الصفات، فإنه من الطبيعي أن يتحول بعد فترة إلى مسؤول ناجح يستطيع تحقيق أهداف المؤسسة والجهة المسؤول عنها، أما الموظف الذي يفتقد لها فتنقلب الأمور رأساً على عقب لتتحول المؤسسة إلى بيئة غير محفزة للعمل وطاردة للإبداع والمبدعين.

باختصار، المسألة ليست انشطار نووي ولا معادلة رياضية معقدة يستدعي فهمها بقدر ما يمكن تلخيصها في النصائح العشر لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أخدم الناس ولا تعبد الكرسي، ضع خطتك وراقب نفسك، اصنع فريق عملك وابتكر أو انسحب، تواصل وتفاءل ولا تكن من غير منافس، اصنع قادة وانطلق لبناء الحياة، وأخيراً عندما تكون مسؤولاً تعلم أن تكون مفتاحاً للخير ومغلاقاً للشر... ختاماً يقول الكاتب بيتر داركر: لعل الدرس الأكثر أهمية أن المنصب لا يعطي امتيازاً أو يمنح قوة، وإنما يفرض مسؤولية.