الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الشباب العربي .. الشارع أو البحر!

من يتمعن اليوم في أحوال العالم العربي يحتار من كثرة الأحداث والتناقضات والاستنزافات الحاصلة، مما جعل الشعوب تشعر بالظلم والإحباط، ودفعها ذلك بين الحين والآخر لكسر الطوق والخروج إلى الشوارع كمحاولة للبحث عن الذات الضائعة في خضم الفشل الذريع لبلدانها والتغييب لأمتها، ويأتي الشباب وهم النسبة الأكبر في مجتمعاتهم على رأس المحتجين والمهاجرين.

هنا يبرز السؤال الآتي: ما الذي يجعل هؤلاء الشباب يلجؤون إلى الشارع أو الهجرة مع احتمال الغرق في عرض البحار؟.. ربما تكون الإجابات معروفة للجميع وبالتفصيل، حيث يقول الكاتب البريطاني روبرت فيسك إنّ: « الإنسان العربي يؤمن بأنّه يملك بيته ولكن لا يملك وطنه»، بينما قالت صحيفة الفايننشيال تايمز إنّ: «الشباب العربي قد نفد صبره ويريد التغيير، والساسة العرب عاجزون عن فهم المزاج العام لمجتمعاتهم، وبحسب استطلاع دولي فإنّ 89% من الشباب العربي خائفون على مستقبلهم».

ولهذا قدّم الشباب عدة أسئلة حول ذلك ولم يجبهم أحد سواء الجانب الرسمي أو نخبه، فلم يكن أمامهم سوى النزول إلى الشوارع لعلهم يحصّلون الإجابة.. إنّهم يريدون معرفة أين حقوقهم وما هو مستقبلهم وإلى أين تسير بلادهم، ولماذا هذا الوضع المزري لأمتهم وقضاياها؟.. يريدون دولاً تشبههم لا تتنافر معهم وتقف ضدهم، فما الذي يدفع أباً عربياً بلغ الـستين من العمر لأن يحمل أبناءه ويهاجر بهم؟


في الحقيقة هناك إشكالية تفاهم تاريخي وعدم ثقة بين الشعوب والساسة وإحساسها بالتهميش والتغييب والظلم وانتظار المجهول، ويقول المختصون إنّ حركة الشارع العربي لم تصل بعد إلى مستوى إحداث الفعل التاريخي؛ بمعنى أنّ الجماهير العربية لم تستطع الوصول إلى مرحلة التغيير الجذري اللازمة لمشروع الأمة النهضوي، ومن يتابع اليوم العلاقة بين النخب الفوقية والقاع الاجتماعي يدرك أنّ النظام الرسمي العربي دون أن يدري، يقوم بدفع العقل الجمعي للقطيعة النهائية مع الواقع والانقلاب عليه، وأنّه دون إدراك منه يقوم بصياغة الفرضيات لذلك، ويشاهد اختبارها على الأرض.


وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فإنّ البعض يحذّر من شعلة اللهب التي بدأت تكبر وقد تحرق كل شيء، فالكرة اليوم في مرمى الحكومات، والشباب ينتظرون إجابات لأسئلتهم المفتوحة، ولحين ذلك سيبقى الشارع ملجأً والمحيط خياراً.