الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

التسامح مع الذات أولاً

سمَّت القيادة الحكيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة عامنا الجاري الذي سينتهي بعد 17 يوماً بعام التسامح، ولا يصح أن يفهم أحد أن سنة التسامح قد انتهت، فما هذه التسمية المميزة إلا بمثابة البداية المتجددة لمسيرة التسامح، وأنها مسيرة لا تنقطع، ولن تتوقف!

في مقالي هنا، سأحاول أن ألفت النظر إلى أمر مهم في هذا الشأن، وهو ضرورة تقديم التسامح مع الذات، لأنه البداية للتسامح مع الناس أجمعين، وأنه الحصن الأول ضد أنواع العنف وأشكال التطرف المختلفة في المجتمعات كلها، فحياتنا الدنيوية مليئة بالتحديات والمشكلات، ولا يرتاح فيها إلا المتسامح مع الذات، لأنه القادر على حسن التعامل مع متغيرات الدنيا، ولعل من أهم مؤشرات التسامح مع الذات، أن يتقبل المرء ذاته دون أن يسجل عليها أي شروط، وأن يعلمها كيف تكون ذاتاً مطمئنة وراضية بما قسم الله لها مما قضاه وقدره عليها، دونما سخط أو تبرم، وأن يحتفي بذلك كله، وأن يتعامل بكل إيجابية مع الحوادث المختلفة.

التسامح مع الذات لا شك أنه خير تمهيد للتسامح مع الكون كله، وخير دافع نحو الإبداع، والتصالح مع الذات بهذا المفهوم خير محفز للبناء والتقدم، وكل من يخلو منه سيعيش حتماً في صراعات وانهيارات وتوترات واضطرابات نفسية مستعصية، فمن لم يتسامح مع ذاته فسيكرهها، وسيؤذيها، ولو بطريقة غير مباشرة، وسيفتقد لذة الامتنان لخالقه، سبحانه وتعالى، ولن يستمتع بشيء، بل سيخفق كثيراً، ولن يتقدم في حياته، ولن ترتفع معنوياته.


الكاتبة المشهورة لويزا هاي Louise Hay تذكر في كتابها الرائع You can heal your life ـ يمكنك شفاء نفسك ـ عن النظرة الإيجابية للحياة، وعن الصلة بين الأفكار والأمراض وغيرها من المصائب في الحياة: «التسامح هو الحل الأمثل لكل مشاكلنا التى تواجهنا سواء مع أنفسنا أو مع الآخرين، لأنه يحررنا من الماضي، ويطلق سراحنا نحو الحاضر والمستقبل.. التسامح يحدث داخل عقلك، وليس له علاقة بالشخص الآخر، وحقيقة التسامح الفعلي تكمن في تحرير نفسك من التمسك بالألم..»، وهو ما يؤكد على ضرورة تقديم الكلام على التسامح مع الذات، قبل التركيز على التسامح مع الآخرين، وتعليم الإنسان أن يقول لنفسه «باب قلبي يفتح للداخل».