الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

قصصنا ليست مسلَّمات

يقول الكاتب ستيفن جاي جولد: «إن أكثر القصص خطأ هي تلك القصص التي نظن أننا نعرفها أفضل معرفة، ولذلك لا نفحصها ونتحرى صدقها»، وكذلك يمكن إسقاط القول على العديد من المسلَّمات المجتمعية والموروثات من السابقين، التي يجري تداولها والعمل بها والدفاع عنها، كلما ظهرت أصوات مشككة بها وداعية إلى إعادة النظر بمصداقيتها، لكنها وبما تفعل تتعرض لموجات تلطمها، مستهجنة ورافضة لأي محاولة تتعرض لها، فالموروث مثلاً كالمقدس لا يمكن أبداً للجماهير المتعصبة التطرق له بغير ما يضفي عليه مزيداً من المصداقية، التي لا تحتمل أي رأي رافض.

من هنا ومن مناحٍ أخرى تبرز دوماً الخرافة، سواء كانت بقصة وحدث وشخصية أو معلومة وظاهرة، جميعها باللاوعي الجمعي والفردي ومع تكرارها المستمر، تكرست لدرجة أن جميع من يؤمن بها ويرددها يدعي معرفته المطلقة بكافة تفاصيلها رغم ما يُضفى عليها من زوائد نتيجة تناقلها وتوارثها، إلا أن الجميع يراها حقيقة معروفة لا تحتمل إلا أن تكون صحيحة ودون أدنى شك بخطئها، برغم أنها ولمن يمعن البحث بها والتأمل سيجدها مختلقة، وربما غير واقعية وخيالية لا يتقبلها العقل والمنطق السليم والفكر القويم.

من جهة أخرى، ساهمت موجة الكتابات والندوات والدورات المتخصصة بتطوير الذات، في انتشار العديد من المفاهيم العلمية المغلوطة، ومنها على سبيل الاستشهاد تحفيز العقل للقراءة السريعة أو استخدام أكثر للجزء الأيمن من الدماغ، أو ما يجري تداوله على أن الإنسان لا يستخدم إلا 10% من قدرات دماغه، وهو الأمر الذي لم يثبت علمياً بالمطلق، وتم نفيه من منطلق أن العضو الذي لا يستخدم يضمر أو تسيطر عليه الأجزاء الفاعلة في الدماغ، أو حتى حين يتعرض للاستئصال طبياً بعمليات جراحية نتيجة أمراض بعينها، يتوجب ألّا يكون لذلك أي آثار جانبية بسببه وهو ما ينافي بالطبع الحاصل لمن خضع لمثل هذه الجراحات من فقدان لمهام وظيفية أثرت على قدراته.


إن التاريخ من جهته وكما درسناه وتعلمناه، بتنا بما جاء به من قصص نعرفها ولكن من وجهة نظرنا، لكننا إن قرأنا القصص نفسها واستمعنا لها من الآخر المختلف عنا فربما سنجد النقيض لما عرفناه عنها، ورغم ذلك يدعي كل طرف أنه يعرف القصة بمنظوره وهو الصواب، فيما من يرويها سواه جاهل بها ولا يعرفها!