الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الصين.. وصانع المطر

الصين لمن يجهل، كانت إمبراطورية على مدى آلاف السنين الماضية، ولا يغرنك ما حدث فيها خلال القرن الماضي، فالدول صعود وهبوط حسب إرثها العلمي والتاريخي، وانظر لحضارتها الطويلة والعميقة تخبرك بأن دولة عظمى تعود من جديد، ولكن هذه العودة تسير بحذر حسب تجاربها في عشرات الأعوام الماضية.

ويكفي أن أعرض مثالاً بسيطاً، ليس في المجال العسكري أو الاقتصادي الذي سبّب كوارث غير محسوبة، ولكن أضرب مثلاً في مجال بسيط في تصورنا مثل: المجال الزراعي، فقد قامت الصين في ستينات القرن الماضي بتجربة نظام زراعي معين في أحد الأقاليم، وبسبب خطأ في توقعات المناخ تسبب النظام المذكور في موت ما يقارب 10 ملايين صيني في موسم واحد نتيجة الشتاء القارس، والاعتماد على نموذج زراعي واحد، أحدث مجاعة وقتل الملايين!

وبعد عدة تجارب وتصحيحات وإخفاقات تقدمت الصين بشكل هائل علمياً واقتصادياً، مما نتج عنه توسع الطبقة الوسطى، والتي يتراوح عددها ما بين 600 و700 مليون نسمة في الفترة المقبلة، كما أصبحت تطلب مواد غذائية منوعة، وهي تحتاج لزيادة إنتاجها الزراعي من أجل تقليل الاعتماد على الاستيراد، لذلك اعتمدت الحكومة الصينية منذ فترة خطة تهدف إلى (تعديل الطقس) في الدولة من خلال تكنولوجيا معينة لجلب واستصناع المزيد من الأمطار والثلوج لمساحة تقدر بضعف مساحة فرنسا، وسيستغرق تنفيذ هذا البرنامج 3 سنوات، مستفيداً من وجود طائرات جديدة وحوامات معدلة، إضافة إلى 897 جهازاً لإطلاق الصواريخ، و1856 جهازاً متصلا بنظم التحكم الرقمي.


ومع تكنولوجيا تعديل الطقس، تتوقع دائرة الأرصاد الجوية الصينية أنها ستزيد الأمطار بنسبة 10% في منطقة مساحتها 960 ألف كيلومتر مربع، وهي تعادل 10 أضعاف مساحة دولة الإمارات تقريباً.


تحولت الصين مثل الكثير من البلدان، إلى استمطار السحب للتخفيف من الجفاف، والمساهمة في توفير مصادر أكثر من المياه لزراعتها.

فهل تتخيل معي أن الصين تحاول إطعام أكثر من مليار و400 مليون نسمة من خلال عدة خطط واستراتيجيات، وواحدة منها هي: استخدام التكنولوجيا لإخضاع العوامل المناخية لمنظومة الأمن الزراعي والغذائي؟، في حين أن البعض منّا في العالم العربي يلقي بكل فشل إدارته في تحقيق التنمية المستدامة لشعوبه التي لا تتجاوز عدة ملايين على الدسائس، ومخططات الدول الإمبريالية والقوى الظلامية!