الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

انحسار الإسلام السياسي في العراق

بعيداً عن النتائج السياسية الآنية، فإن أبرز نتائج ثورة شباب العراق هي: انحسار أحزاب الإسلام السياسي، وهذا بحد ذاته يعد انتصاراً كبيراً للثورة في بلد تحكمت به هذه الأحزاب بطريقة عبثية.

لقد تمكنت أحزاب الإسلام السياسي السنية والشيعية بشكل أكثر قوة، من التحكم بمقادير البلد والشعب منذ تغيير نظام الرئيس الراحل صدام حسين بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، بحجج وهمية بعيدة كل البعد عن القيم الديمقراطية التي أشيع أنها النظام الحاكم في البلد، حيث أحزاب الإسلام السياسي الشيعية، من أجل السيطرة على الحكم من خلال احتكار منصب رئاسة الوزراء وتهميش بقية القوميات والأديان والمذاهب.

وجاءت عمليات التزوير ودعم المرجعية الشيعية للأحزاب الشيعية وتدخل إيران بقوة لصالح هذه الأحزاب في أول انتخابات تشريعية عام 2005، لتكرس هيمنتها على مقدرات البلد، وإشاعة الخراب والفساد، وتمكين النفوذ الإيراني للتدخل بقوة في الشؤون الداخلية في العراق.


وبعد أكثر من 16 سنة من عبث هذه الأحزاب بأوضاع البلد ـ وقد قادته إلى الهاوية ــ انفجرت ثورة شباب العراق ضدها لاعنة أحزاباً وتيارات استغلت الدين للسياسة وقادتها، بعد انكشاف فسادهم وسرقاتهم التي بلغت مئات المليارات من الدولارات بينما الشعب يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة وتفشي البطالة، وبنية تحتية مهترئة، وغياب الخدمات، وهذا ما أدى إلى انفجار ثورة شباب الشيعة قبل غيرهم على أحزابهم وضد غالبية رجال الدين، رافعين شعار «باسم الدين باكونا (سرقونا) الحرامية»، وبذلك تحطم هذا التابو شبه المقدس، وانحسر دور هذه الأحزاب وقادتها بعيداً عن المشهدين السياسي والحياتي ليبرز دور الشباب المتنورين المدينين لقيادة الغالبية الشيعية في البلد. ولا ننسى الأدوار السلبية والانتهازية التي لعبها قادة أحزاب الإسلام السياسي السنية وفي مقدمتهم الحزب الإسلامي، وهو النسخة العراقية من «الإخوان»، إضافة إلى من نصّبوا أنفسهم قادة للمكون العربي السني، الذين اشترتهم إيران بأثمان بخسة مما دفع الشباب من عرب السنة للوقوف بوجههم وفضحهم، لتجريدهم من أي دور قيادي قد يلعبوه حالياً وفي المستقبل.