السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

إعلان الوفاء.. والخيريَّة

«كلما زادت معرفتي للإنسان، زاد احترامي للكلاب»، هذه المقولة للكاتب الأمريكي الساخر مارك توين، لأننا للأسف نسمع الكثير من القصص عن وفاء الكلاب، ولكن بالمقابل هناك الكثير من الآلام تضرر منها الإنسان نتيجة فقدان الوفاء لدى أخيه الإنسان.

التاريخ يحمل لنا قصصاً عن الوفاء تقشعر لها القلوب من شدة التأثر، والعصر وتَسَلُّط المادية والمصالح كان لها دورٌ في تقليص هذه الصفة، التي لم تعد تُمثل أولوية، فالكسب والربح والوصولية واستعمال المحيطين جسوراً ثم حرقها أصبحت هي الأهم، فما يضير إن أنت هَمَّشْتَ الوفاء، أو أجَّلتَه فوعدت مع عدم النية بالوفاء بوعدك، ومع تخطيطك المسبق لأنك ستحرق هذا الجسر «وأقصد الصديق» بعد العبور من خلاله والوصول لهدفك المادي، هو أمرٌ آلي ألفه المحترفون بالخداع وعدم الوفاء، فهو لا يكلفهم جهداً، ولا يعانون من وخز الضمير.

إن عدم الوفاء هو وجه من أوجه الخيانة، ومن أقوى ما قرأت عن مدى الألم الذي تنطوي عليه، عبارة لا أعرف قائلها: «أسوأ ما في الخيانة أنها لا تأتي من عدو»، فالوصولي يتقرب منك ليوهمك بأنه صديق، فيصبح صديقاً بالنسبة لك، أما من منظوره فأنت جسر، وقد كنت في سياق الصداقة ترى بعض المؤشرات، لكنك تُكَذِّبُ ما ترى، ولا تتوقع منه إلا الإخلاص والالتزام بواجب الصداقة ثم تكون الصدمة، فقد أخد ما يريده منك وانسحب، بل وحرق جسر التواصل بينكما، وتركك تتألم.


إن صادفت حالة وفاء في عصر قلّ فيه الوفاء، فأعلنها.. لأنها حالة نادرة، ولعلك تعيد لنا مبدأ «لا يزال في الدنيا خير».